للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وكان مختَصًا بابن الجدّ ورُبيّ فِي حَجْره لأنّ والده كَانَ يخدم ابن الجدّ. وسمع الكثير. وأقبل عَلَى النَّحْو ولزِم أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن خَلَف بْن صافٍ النَّحْويّ حتّى أحكم الفنّ.

وأمّا الأَبّار فَقَالَ [١] : أخذ العربيّة عَن أَبِي إِسْحَاق بْن مُلكون، وَأَبِي الْحَسَن [٢] نَجَبَة. وجمع «مشيخته» ونصّ على اتّساع مسموعاته.

وسمعت من ينكر عليه ذلك ويدفعه عنه.

وكان في وقته علما في العربيّة وصناعتها، لا يُجارى ولا يُبارى قياما عليها واستبحارا فيها. وقعد لإقرائها بعد الثّمانين وخمسمائة، وأقام عَلَى ذَلِكَ نحوا من ستّين سنة، ثُمَّ ترك فِي حدود الأربعين وستّمائة لكِبَر سِنّه، وزُهْد النّاس فِي العِلْم، وإطباق الفتنة، وتغلُّب الرّوم حينئذٍ عَلَى قُرْطُبَة وبَلَنْسِيَة ومُرْسِيَة، وتصدّيهم لسائر الأندلس.

وله تواليف مفيدة وتشابيه بديعة مَعَ حُسْن الخطّ. وقد أخذ عَنْهُ عالَم لا يُحصَوْن.

سَمِعْتُ عَلَيْهِ وأجاز لي «ديوان أَبِي الطَّيِّب المُتَنَبّي» .

وَتُوُفّي نصف صفر.

وقال ابن خَلِّكان [٣] : قد رَأَيْت جماعة من أصحاب أَبِي عَلِيّ الشَّلُوبِين، وكلٌّ منهم يَقْولُ: ما يتقاصر الشَّيْخ أَبُو عَلِيّ عَن الشَّيْخ أَبِي عَلِيّ الفارسيّ.

وقالوا: كَانَ فِيهِ مَعَ هذه الفضيلة غَفْلَة وصورةُ بَلَهٍ. حتّى قَالُوا: كَانَ يوما إلى جانب نهرٍ وبيده كراريس يطالع، فوقع كرّاسٌ فِي الماء، فغرّقه بكرّاسٍ آخر فتلِفا.

شرح «المقدّمة الْجَزُوليّة» شرحين. وبالْجُملة فإنّه كَانَ عَلَى ما يُقال خاتمة أئمّة النّحو.


[١] في تكملة الصلة، ورقة ٥٠ أ.
[٢] في الأصل: «الحسين» ، والتصحيح من: تكملة الصلة، وسير أعلام النبلاء ٢٣/ ٢٠٨.
[٣] في وفيات الأعيان ٣/ ٤٥١، ٤٥٢.