للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلَمَّا سَمِعَ المُعْتَضِد سجد للَّه شكرًا، وأحضر الهاشمي، فأخرج إليه اليد والرجل، فامتقع لونه واعترف. فأمر المُعْتَضِد بدفع ثمن الجارية إلى صاحبها، ثُمَّ سجن الهاشمي. ويقال إنه قتله [١] .

قَالَ التنوخي: وثنا أبو محمد بن سُلَيْمَان: حَدَّثَنِي أبو جَعْفَر بن حمدون، حَدَّثَنِي عبد الله بن أَحْمَد بن حمدون قَالَ: كنت قد حلفت لا أعقد مالًا من القمار، ومهما حصل صرفته في ثمن شمع أو نبيذ أَوْ خدر [٢] مغنية.

فقمرت المُعْتَضِد يومًا سبعين ألفًا، فنهض يصلي سنة العصر، فجلست أفكر أندم على اليمين، فَلَمَّا سلّم قَالَ: في أي شيء فكرت؟ فما زال بي حَتَّى أخبرته. فَقَالَ: وعندك أني أعطيك سبعين ألفا في القمار؟

قلت له: فتضغوا [٣] ؟

قَالَ: نعم، قم ولا تفكر في هَذَا.

ثُمَّ قام يصلي، فندمت ولُمت نفسي لكوني أعلمته، فَلَمَّا فرغ من صلاته قَالَ: أصدقني على الفكر الثاني، فصدقته. فَقَالَ: أما القمار فقد قُلْتُ إني ضغوت [٤] ، ولكن أهب لك من مالي سبعين ألفًا. فقبلت يده وقبضت المال [٥] .

وَقَالَ ابن المحسن التنوخي، عن أبيه: رأيت المُعْتَضِد وعليه قباء اصفر، وكنت صبيًا، وكان خرج إلى قتال وصيف بطرسوس.

وعن خفيف السَّمَرْقَنْدِيّ قَالَ: خرجت مع المُعْتَضِد للصيد، وقد انقطع عنا العسكر، فخرج علينا أسد فَقَالَ: يا خفيف أفيك خير؟

قُلْتُ: لا. قَالَ: ولا تُمسك فرسي؟ قُلْتُ: بلى.

فنزل وتحزّم وسلّ سيفه وقصد الأسد، فقصده الأسد، فتلقاه المُعْتَضِد بسيفه قطع يده، فتشاغل الأسد بها، فضربه فلق هامته، ومسح بسيفه في صوفته وركب.


[١] الأذكياء ٤٣، ٤٤.
[٢] في الأذكياء: «أو جذر» .
[٣] في الأذكياء: «أفتصغر؟» .
[٤] في الأذكياء: «صغرت» .
[٥] الأذكياء ٤٤، ٤٥.