للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عليل] من مكانَيْن ... من الأسقام والدَّيْن

وَفِي هذين لي شُغْلٌ ... وحسْبي شُغْلُ هَذين [١]

قَالَ: فأمر له المتوكّل بألف ألف درهم.

قَالَ الصُّوليّ: ثنا الْحَسَن بْن عليّ الكاتب قَالَ: لمّا قَتَلَ المتوكّل محمد بْن الفضل الْجَرْجَرائيّ قَالَ: قد مَلَلْتُ عرضَ المشايخ عليّ، فاطلبوا لي حديثًا من أولاد الكُتّاب. وبقي شهرين بلا وزير وأصحاب الدّواوين يعرضون عليه أعمالهم، ثُمَّ طلب عُبَيْد الله بْن يحيى، فلمّا خاطبه أعجبته حركته، وأمره أن يكتب فأعجبه أيضًا خطه.

فقال عمُّه الفتح: وَالَّذِي كتبت أحسن من خطّه. قَالَ: وما هُوَ؟ قَالَ: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ٤٨: ١ [٢] ، وقد تفاءلت ببركته كبركة ما كتب. فولَّاه العَرْض، فبقي سنة يؤرّخ الكُتُب عَنْهُ وعن وَصيف. وحظى عند المتوكل [٣] ، فطرح اسم وصيف، ونفذت الكُتُب باسم عُبَيْد الله وحده.

قَالَ الصُّوليّ: كان عُبَيْد الله سمحًا جوادًا ممدحًا، حَدَّثَنِي أبو العَيْنَاء قَالَ:

دخلت على المتوكّل، فقال: ما تقول فِي عُبَيْد الله؟ قلت: نِعْمَ العبد للَّه، وكلٌّ منقسمٌ بين طاعته وخدمتك، يؤثر رِضاك على كلّ فائدة، وإصلاح رعيّتك على كلّ لذّة.

وقَالَ عليّ بْن عِيسَى الوزير: لم يكن لعُبَيْد الله بْن يحيى حظٌّ من الصّناعة، إلّا أنّه أُيِّد بأعْوانٍ وكتّاب، وكان واسع الحيلة، حسن المداراة.

وقَالَ الصُّوليّ: ولم يزل أعداء عُبَيْد الله يحرّضون المنتصر على قتله، وإنّه مائلٌ إِلَى المعتز، وأحمد بْن الخطيب يردعه عَنْهُ. ثُمَّ نفاه وأبعده إِلَى أقريطش [٤] . فَلَمَّا استخلف المعتمد ذكر لوزارته سُلَيْمَان بْن وهْب، والحَسَن بْن مَخْلَد، وجمع الكُتّاب، فقال ابنُ مَخْلَد: هَذَا عُبَيْد الله بْن يحيى قد أصلح الجماعة ورأسهم، وهو ببغداد. فصدّقه الجماعة.


[١] الشعر في: البصائر والذخائر ١/ ٤٩ والزيادة منه. وفيه «من الإفلاس» بدل من «الأسقام» ، وتاريخ دمشق ١٠/ ورقة ٣٧٧ ب.
[٢] أول سورة الفتح.
[٣] سير أعلام النبلاء ١٣/ ٩.
[٤] أقريطش: هي جزيرة كريت المعروفة.