٢ - هذه النصوص وغيرها تدلّ على أن الحديث النبوي ظلّ في صدر الإسلام وأيام الخلافة الراشدة نقياً صافياً، لم يكدّره كذب، ولم يداخله تحريف، إلى أن وقعت الفتن، وأطلَّت برأسها، بعد استشهاد الخليفة الراشد عثمان بن عفان ﵁.
٣ - لقد كان أصحاب رسول الله ﷺ في الصدر الأول، على منهاج الصدق والسلامة، والأمانة والاستقامة، لا يعرفون الكذب، ولا يسألون عن الإسناد، لثقة القوم ورسوخ إيمانهم. ولم يكن أحدٌ منهم يقف في قبول ما يسمعه من أحاديث وأخبار.
٤ - لكن وبعد استشهاد عثمان بن عفان ﵁ تغيّر الوضع كثيراً، فقد تفرَّق الناس إلى شيع متنازعة، وأحزاب متناحرة، وأخذ جهلةُ كلّ فرقة يضعون من الأحاديث ما يدعم موقفهم، ويؤيد أفكارهم، أو يذم خصومهم، ويشوّه صورتهم.
٥ - وعندما رأى أصحاب النبي ﷺ ذلك أخذوا يتشدَّدون في باب الرواية، من أجل المحافظة على السُّنَّة النبوية، ويحتاطون في قبول الأحاديث، ولا يقبلونها إلا بعد السؤال عن الإسناد، ومعرفة أحوال الرواة.
وفي الوقت نفسه أخذ علماء التابعين يرجعون إلى من بقي من الصحابة، ويرحلون إليهم، ليسألوهم عن الأحاديث، كي يتأكدوا من ثبوتها. وكان الصحابة الكرام يبيّنون لهم، ويميّزون بين الغثَّ والسمين، وبين ما يصحّ وما لا يصحّ.