للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يُؤْمَن الاشتغال به عن القرآن" (١).

ويقول الإمام البغوي: "والنهي يُشبه أن يكون متقدماً، ثم أباحه وأَذِنَ فيه" (٢).

وأما ما ذكره ابن قتيبة (ت: ٢٧٦ هـ) من أن سبب منْع الصحابة من الكتابة أن عامتهم كانوا أُميين لا يحسنون الكتابة ولا التهجي، فخشي النبي عليهم الغلط إن كتبوا (٣)!!

فهذا توجيهٌ غير سليم، بدليل أن الصحابة كانوا يكتبون القرآن الكريم أولاً بأول، وتقدَّم أنه كان منهم جماعةُ يُسَمَّون: كتّابَ الوحي، قد جاوزوا الأربعين كاتباً.

٥ - وقد ورد حديثٌ آخر في النهي عن كتابة الحديث، عن زيد بن ثابت : أنه "دخل على معاوية بن أبي سفيان، فسأله معاوية عن حديث، وأمر إنساناً أن يكتبه، فقال له زيدٌ: «إن رسول الله أمرنا أن لا نكتب شيئاً من حديثه»، فمحاه" (٤). لكنْ أجاب العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلّمي عن هذا الحديث بأنه ضعيف باتفاق العلماء (٥)، فلا يحتجّ به.

٦ - وإذن فالأحاديث الواردة في النهي عن كتابة السُّنَّة إنما هما حديثان فحسب، أحدهما منسوخ عند أكثر علماء السُّنَّة، والآخر متفق على ضعفه.


(١) "المحدث الفاصل" ص ٣٨٦.
(٢) "شرح السُنَّة" ١/ ٢٩٤.
(٣) "تأويل مختلف الحديث" ص ٤١٢.
(٤) أخرجه أبو داود في "سننه" (٣٦٤٧).
(٥) "الأنوار الكاشفة" للمعلمي ص ٣٤.

<<  <   >  >>