للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن كَتَبَ عنّي غير القرآن فليمْحه، وحدِّثوا عنّي ولا حَرَج، ومن كَذَبَ عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» (١).

٣ - بَيْدَ أن علماء السُّنَّة بينوا أن هذا الحديث منسوخ، وأنه كان في بداية نالإسلام، وأن النهي عن كتابة الحديث إنَّما كان خشية أن تختلط السُّنَّةُ بالقرآن الكريم، فحتى لا يقع الاشتباه والالتباس بين الآيات والأحاديث، وحتى لا يلحق بالقرآن ما ليس منه، وحتى يُوصَد الباب في وجه أي تحريف أو تبديل طارئ، فقد مَنَعَ النبيُّ في بداية الأمر من كتابة السُّنَّة وتدوين الأحاديث.

لكنْ لمَّا أَلِفَ الصحابةُ الكرام أسلوب القرآن الكريم، وعرفوا طريقته، واستقرَّ في نفوسهم، ونزل أكثره، وحفظه كثيرٌ منهم، زال خطر الالتباس والاشتباه، وأَذِنَ النبي وقتها بكتابة سنّته وأحاديثه لمن شاء أن يكتب.

٤ - هذا هو التوجيه الأقرب لحديث أبي سعيد الخدري ، كما قرره كثيرٌ من أهل العِلْم، كالإمام الرامهرمزي (ت: ٣٦٠ هـ)، والإمام الخطابي (ت: ٣٨٨ هـ)، والإمام البغوي (ت: ٥١٦ هـ)، والحافظ ابن حجر (٢) (ت: ٨٥٢ هـ)، وغيرهم رحمهم الله تعالى.

يقول الإمام الخطابي: "يُشبه أن يكون النهي متقدماً وآخر الأمرين الإباحة" (٣).

ويقول الرامهرمزي: "أحسبُ أنه كان محفوظاً في أول الهجرة، وحين كان


(١) "صحيح مسلم» (٣٠٠٤).
(٢) "فتح الباري» ١/ ٢٠٨، وهناك توجيهات أخرى للحديث أشار إليها ابن حجر تركتها لضعفها.
(٣) "معالم السنن" ٤/ ١٨٤.

<<  <   >  >>