إلا جزئيا عن هؤلاء الفقراء أو المتصوفة، ولكون دقيقين، لا يتحدث إلا عن صنف منهم. ويبدو أن الشيخين: العياشي والثعالبي، لم يطلعا أبدا على كتاب (منشور الهداية) وإنما سمعا عنه من فقراء الوقت أنفسهم، ومن غيرهم، أولئك الذين صدمهم الفكون بكتابه وكشف عوارهم وفضح أسرارهم، كما قال، فتألبوا عليه وأسروا له البغضاء ورموه بألسنة حداد (١).
ومهما كان الأمر فإن الفكون قد رتب كتابه على هذا النحو: مقدمة ذكر فيها الدافع الذي دفعه لتأليفه كما سبقت الإشارة. ثم ثلاثة فصول وخاتمة. أما الفصل الأول فجعل عنوانه (في من لقيناه من العلماء والصلحاء المقتدى بهم ومن قبل زمنهم ممن نقلت إلينا أحوالهم وصفاتهم تواترا، أردنا التنبيه عليهم وذكر ما كانوا عليه وزمانهم وتواريخ وفاتهم). وهذا الفصل، رغم طول عنوانه، قصير نسبيا. وقد ذكر فيه بعض أفراد عائلته أمثال يحيى الفكون وقاسم الفكون وجده عبد الكريم الفكون ووالده محمد الفكون وجده لأمه محمد بن قاسم الشريف. كما ذكر فيه عمر الوزان، ويحيى الأوراسي، ومحمد العطار، وأحمد الغربي، ومحمد الكماد، وعلي بن يحيى الياوراري، وأحمد بن تكفه، ومحمد بن حسن، وعبد اللطيف المسبح، وأحمد (حميدة)
(١) يذكر الفكون في كتابه (فتح اللطيف) إن كتابه (منشور الهداية) قد جلب عليه النقمة والبغض (رمقتني من أجله العيون، وانعقد على بغضي القلوب وأكثرت الشؤون)، ولكنه اعتصم بحبل الله واعتبر عمله جهادا يجازى عليه في الآخرة. ونعتقد أن عدم ترويج الكتاب واستنساخه هو جزء من حملة الغضب والبغض التي أشار إليها.