للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفساد الأخلاقي والسياسي؟ وهل رأيت أن دافعه لتأليف كتابه كان الغيرة على حزب الله من العلماء العاملين والصلحاء السلفيين؟ وهل رأيت أنه حمل رايته ضد أولئك الزنادقة أعداء الله وحزب الشيطان الذين انحرفوا عن الدين باتخاذ الألقاب الرئاسية والكهنوت الصوفي وربطوا مصالحهم بمصالح الحكام الفاسدين؟ وأين دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من هذه الثورة التي أعلنها عبد الكريم الفكون قبله بأكثر من قرن؟ اقرأ معي إن شئت قول الفكون عن المبتدعة في زمانه: (وربما زاد في إفصاح أحوالهم. إن من مات منهم بنوا عليه وشيدوا بناءات، وجعلوا عليهم قبابا من العود وألواحا منقوشة بأسمائهم وما اختاروا لهم من الألقاب التي لا تصلح لهم).

إن هذا الكلام، بل هذه الجملة، لم تعجب، بدون شك، علماء ولا متصوفة عصر الفكون، وبالطبع لم تعجب أيضا علماء ولا متصوفة ما بعد عصره لأن الأمور قد زادت سوءا بعده كما هو معروف. فالجهل عم وانتشر، وغطى السهل والوعر، والدروشة (وحاشا التصوف) والتدجيل فاض بحرهما وطما زبدهما. ولأمر ما أهمل العياشي ذكر (منشور الهداية) حين عدد كتب الفكون، بينما أطال في النقل من ديوانه في المديح النبوي كما عرفنا، ووصف كتابه في شرح أرجوزة المكودي في التصريف، بل ولخص في عدة صفحات من رحلته كتاب الفكون عن تحريم التدخين. أما الثعالبي فقد اكتفى بقوله وله تأليف في حوادث فقراء الوقت والرد عليهم. وما هو، كما رأيت، في (فقراء) الوقت الذين يعني بهم الثعالبي المتصوفة. فالكتاب كما نعلم لا يتحدث

<<  <   >  >>