هذه دراسة لحياة وآثار شخصية نابضة من شخصيات العالم الإسلامي في عصور الانحطاط، وهو عبد الكريم الفكون، الملقب بشيخ الإسلام. فقد عاش خلال القرن الحادي عشر (١٧ م) في الوقت الذي اشتدت فيه القطيعة بين العالم الإسلامي الجامد والعالم الأوروبي المتحرك، وازدهر فيه التصوف المزعوم والدروشة والأمية والتخلف العقلي في المجتمعات الإسلامية، وكثر فيه أدعياء العلم من الفئة التي كانت تسمي نفسها حامية الشريعة، ومصابيح الظلام، وهي فئة الفقهاء أو المتفقهين، واستولى فيه على مقاليد السلطة حكام جهلة وطغاة وغرباء عن حاجات وأحاسيس المجتمعات الإسلامية التي يحكمونها، وعشش أثناءه الفكر الخرافي حتى كاد المجتمع كله يصبح زاوية صوفية تشيع فيها الحضرة والرقص العصبي والإيمان بالغيبيات والروحانيات.
في هذا الجو ظهر شيخ الإسلام عبد الكريم الفكون، فحمل معول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجاهد في سبيل