للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ببعضها. وهو في أحاديثه هذه لا ينطلق من مصلحة ذاتية إلا قليلا. ولكنه ينطلق من المصلحة العامة، كالغيرة على الدين والأخلاق والعقل البشري. وهو يبكي هبوط أحوال المسلمين وانتشار الشعوذة بينهم وفساد الدين على أيدي زعمائهم وشيوع الرشوة لدى أرباب السلطة والقضاة والعلماء والدراويش، وقلة الأمن في المدينة وفي الريف. وهو يتحسر أثناء تراجمه كلها تقريبا على فساد الخاصة ورقاد العامة، وهو الموضوع الرئيسي الذي يكاد يتكرر في كل صفحة من صفحات الكتاب. ونحن وإن كنا سنورد نص مقدمة هذا الكتاب في قسم النصوص، فإننا نسوق عبارته هنا في الباعث على تأليفه، فليتأمل القارىء معنا هذا النص وليتذكر أن روح النص موجودة في كل ثنايا الكتاب كما أشرنا:

(أما بعد، فلما رأيت الزمان بأهله تعثر، وسفائن النجات (كذا) من أمواج البدع تتكسر، وسحائب الجهل قد أظلت، وأسواق العلم قد كسدت، فصار الجاهل رئيسا، والعالم في منزلة يدعي من أجلها خسيسا، وصاحب أهل الطريقة قد أصبح وأعلام الزندقة على رأسه لائحة، وروائح السلب والطرد من المولى عليه فائحة، إلا أنهم، أعني الطائفتين، تمسكوا من دنياهم بمناصب شرعية، وحالات كانت قدما للسادة الصوفية، فموهوا على العامة بأسماء ذهبت مسمياتها، وأوصاف تلاشت أهلها منذ زمان وأعصارها، لبسوا بانتحالهم لها على أهل العصر إنهم من أهلها. كل ذلك والقلب مني يتقطع غيرة على حزب الله العلماء أن ينسب جماعة الجهلة المعاندين الضالين المضلين لهم

<<  <   >  >>