للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك، فينفخ فيه الروح، ويكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد.

ومنها: التقدير الحولي: وهو الذي يكون في ليلة القدر، يكتب فيها ما يكون في السنة، قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} (الدخان:٤) .

ومنها التقدير اليومي: كما ذكره بعض أهل العلم واستدل له بقوله تعالى: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} (الرحمن: ٢٩) فهو كل يوم يغني فقيرا، ويفقر غنيا، ويوجد معدوما، ويعدم موجودا، ويبسط الرزق ويقدرُهُ، وينشي السحاب والمطر وغير ذلك.

فإن قيل: هل الإيمان بالقدر ينافي ما علم بالضرورة من أن الإنسان يفعل الشيء باختياره؟

الجواب: لا ينافيه؛ لأن ما يفعله الإنسان باختياره من قدر الله، كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أقبل على الشام، وقالوا له: إن في الشام طاعونا يفتك بالناس، فجمع الصحابة وشاورهم، فقال بعضهم: نرجع. فعزم على الرجوع، فجاء أمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح، فقال: يا أمير المؤمنين! أفرارا من قدر الله؟ فأجاب عمر نفر من قدر الله إلى قدر الله.

يعني: أن مضينا في السفر بقدر الله ورجوعنا بقدر الله، ثم ضرب له مثلا، قال: أرأيت لو كان لك إبل فهبطت واديا له شعبتان إحداهما خصبة والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة فبقدر الله، وإن رعيت الجدبة فبقدر الله؟

<<  <  ج: ص:  >  >>