وقوله:{مِنْ شَيْءٍ} : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
قوله:{إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} أي: فإذا كان كذلك، فلا وجه لاحتجاجكم على قضاء الله وقدره، فالله - عز وجل - يفعل ما يشاء من النصر والخذلان.
وقوله:{إِنَّ الْأَمْرَ} واحد الأمور لا واحد الأوامر، أي: الشأن كل الشأن الذي يتعلق بأفعال الله وأفعال المخلوقين كله لله - سبحانه، فهو الذي يقدر الذل والعز والخير والشر، لكن الشر في مفعولاته لا في فعله.
قوله:{يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ} أي: ما لا يظهرون لك، فمن شأن المنافقين عدم الصراحة والصدق، فيخفي في نفسه ما لا يبديه لغيره؛ لأنه يرى من جبنه وخوفه أنه لو أخبر بالحق لكان فيه هلاكه، فهو يخفي الكفر والفسوق والعصيان.
قوله:{مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} أي: في أُحد، والمراد بمن " قتل ": من استشهد من المسلمين في أُحد؛ لأن عبد الله بن أُبَيَّ رجع بنحو ثلث الجيش في غزوة أحد، وقال: إن محمدا يعصيني ويطيع الصغار والشبان.
قوله:{قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} . هذا رد لقولهم: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا.
وهذا الاحتجاج لا حقيقة له؛ لأنه إذا كتب القتل على أحد، لم ينفعه تحصنه في بيته، بل لابد أن يخرج إلى مكان موته، والكتابة قسمان:
١. كتابة شرعية، وهذا لا يلزم منها وقوع المكتوب، مثل قوله تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}[النساء: ١٠٣] وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}[البقرة: ١٨٣] .