للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصحابة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدثهم بأشياء قد تكون غريبة وبعيدة عن أفهامهم، ولكنهم يتلقون ذلك بالقبول، لا يقولون: لِمَ؟ وكيف؟

بخلاف ما عليه المتأخرون من هذه الأمة، نجد الواحد منهم إذا حدث بحديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحار عقله فيه نجده يورد على كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - الإيرادات التي تستشف منها أنه يريد الاعتراض لا الاسترشاد، ولهذا يحال بينه وبين التوفيق، حتى يرد هذا الذي جاء عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه لم يتلقه بالقبول والتسليم.

وأضرب لذلك مثلاً ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ " (١) .

هذا الحديث حدث به النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو حديث مشهور بل متواتر، ولم يرفع أحد من الصحابة لسانه ليقول: يا رسول الله، كيف ينزل؟ وهل يخلو منه العرش أم لا؟ وما أشبه ذلك؟

لكن نجد بعض الناس يتكلم في مثل هذا، ويقول كيف يكون على العرش وهو ينزل إلى السماء الدنيا؟ وما أشبه ذلك من


(١) رواه البخاري/كتاب الدعوات/باب الدعاء نصف الليل/برقم (٦٣٢١) . ومسلم/ كتاب صلاة المسافرين/باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل/برقم (٧٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>