للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقتضي امتناع شرطها دائمًا (١) خلافًا للشلوبين، لا جوابها خلافًا للمعربين (٢)، ثم إن لم يكن لجوابها سبب غيره لزم امتناعه نحو: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا﴾ (٣) وكقولك: "لو كانت الشمس طالعة كان النهار موجودًا" (٤) وإلا لم يلزم، نحو: "لو كانت الشمس

=

"لو" حرف شرط في مضي ويقل … إيلاؤها مستقبلا لكن قبل*

أي: إنَّ "لو" حرف يفيد الشرطية في الزمان الماضي، وقد يقع بعدها ما هو مستقبل فتقلب زمنه للمضي، ويقبل هذا لوروده عن العرب.

(١) أي: مثبتًا أو منفيا؛ لأنه لو حصل لكان الجواب كذلك، فتخرج عن إفادة التعليق؛ لأنه الثابت الحاصل لا يعلق.

(٢) أي: في قولهم: "لو حرف امتناع لامتناع" مما يفهم منه، أنها حرف يدل على امتناع الجواب لامتناع الشرط، ولا شك أن هذا غير صحيح؛ لأن امتناع الشرط لا يستلزم امتناع الجواب.

فقد يستلزمه أو لا يستلزمه -اللهم إلا إذا لم يكن للجواب سبب غيره- كما أوضح المصنف، ولعل المعربين يقصدون بهذا التعبير الكثير الغالب، والصواب أن يقال: إن "لو" حرف يدل على ما كان سيقع في الماضي لوقوع غيره في الماضي أيضًا، وهذا قول سيبويه.

(٣) هذه الآية في أحد علماء بني إسرائيل، أو في بلعم بن باعوراء، أو في أمية بن أبي الصلت. وكان يأمل أن يكون هو النبي المنتظر، فلما بعث الرسول حسده وكفر به، و"لو" هنا تدل على نفي مشيئة الله لرفع هذا المنسلخ، وذلك يستلزم نفي الرفع، فقد انتفى الجواب لانتفاء الشرط؛ لأنه لا سبب للرفع إلا المشيئة وقد انتفت، وانتفاء السبب يستلزم انتفاء المسبب ضرورة، كما أن ثبوت السبب يستلزم ثبوت المسبب، [سورة الأعراف: الآية ١٧٦].

(٤) فقد انتفى الجواب -وهو وجود النهار- بدخول "لو"؛ لأنه لا سبب له عقلا وعادة إلا طلوع الشمس.


* "لو" مبتدأ قصد لفظه. "حرف شرط" حرف خبر وشرط مضاف إليه. "في مضي" متعلق بمحذوف نعت لشرط. "إيلاؤها" إيلاؤ فاعل يقل، وهو مصدر مضاف إلى الهاء مفعوله الأول، "مستقبلا" مفعوله الثاني.
"لكن" حرف استدراك، "قبل" ماض للمجهول ونائب الفاعل يعود على إيلائها المستقبل، والجملة مستأنفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>