للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سيبويه: "سألت الخليل عن "ليفعلن" إذا جاءت مبتدأة؛ فقال: هي على نية القسم"١؛ فكانت إذا قلت على هذا: لأضربنك، وإذا قلت: لينطلقن زيد؛ فكأنك قلت: والله لينطلقن زيد، وكذلك قوله عَزَّ اسْمُهُ: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [ص: ٨٨] ٢ أي: والله لتعلمن.

وإذا كان ذلك كذلك؛ فقوله تعالى: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الإسراء: ٨٦] ٣؛ ليست اللام في "لئن" بجواب القسم، إنما الجواب لنذهبن، وعليه وقع الحلف، واللام في "لئن"؛ إنما هي زائدة مؤكدة، يدلك على أن اللام الأولى زائدة وأن اللام الثانية هي التي تلقت القسم: جواز سقوط الأولى في نحو قول الشاعر: قرأته على أبي علي في نوادر أبي زيد لقيس بن جروة الطائي جاهلي:

فأقسمت لا أحتل إلا بصهوة ... حرام علي رمله وشقائقه

فإن لم تغير بعض ما قد صنعتم ... لأنتحين للعظم ذو أنا عارقه٤

ولم يقل: فلئن لم تغير؛ فهذا نظير قوله عَزَّ اسْمُهُ: {وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [المائدة: ٧٣] أي: والله إن لم ينتهوا ليمسن. وقد شبه بعضهم "إذ" بـ "إن" فأولاها اللام، فقال٥:

غضبت علي وقد شربت بجزة ... فلإذ غضبت لأشربن بخروف٦


١ القسم: ذكر ذلك سيبويه في الكتاب.
٢ {لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} : أي لتعلمن خبره وصدقه.
٣ {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} : يقول عز وجل: لئن شئنا لنذهبن بالذي اوحينا إليك فلا تعلمه. انظر/ تفسير مختصر الطبري "ص٢٥١".
٤ البيتين ذكر الثاني صاحب اللسان في مادة "ع ر ق": "١٠/ ٢٥٠" ونسبهما إلى عارق، ويقال هو عمرو بن ملقط الطائي. الشاهد في قوله "لأنتحين" والتقدير أن اللام لام القسم أي "والله لأنتحين". انظر/ خزانة الأدب "٣/ ٣٣٠"، والنوادر "ص٢٦٦".
٥ يقال: أن البيت لأعرابي كان يشرب الخمر ويشتريها بجزة صوف.
٦ يقول الشاعر أنه شرب خمرًا بجزة، أي ما يجز من صوف الماعز والخراف فغضبت زوجته فأقسم إن غضبت ليشربن بخروف وليس بجزة منه.
والشاهد اللام في قوله "لأشربن" حيث تعتبر لام القسم والتقدير "والله لأشربن".

<<  <  ج: ص:  >  >>