للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل أيضًا على أنك إذا قلت: والله لئن قمت لأقومن فاعتماد القسم على اللام في لأقومن، وأن اللام في "لئن قمت" منها بد قول كثير:

لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها ... وأمكنني منها إذن لا أقيلها١

فرفع "أقيلها" يدل على أن اعتماد القسم عليه كقوله عَزَّ اسْمُهُ: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ} [الحشر: ١٢] ٢ أي: "والله لا يخرجون معهم إن أخرجوا"، ولو كانت اللام التي في "لئن عاد لي عبد العزيز" جواب القسم لا نجزم لا أقيلها، كما تقول: "إن تقم إذن لا أقم"، وأما قوله تعالى ذكره: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا} فقال الخليل٣: "معناها ليظلن" فأوقع الماضي موقع المستقبل. ومثله مما وضع فيه الماضي موضع المستقبل قول الحطيئة٤:

شهد الحطيئة حين يلقى ربه ... أن الوليد أحق بالعذر٥

أي: يشهد. وأنشدنا أبو علي٦:

وإني لآتيكم تشكر ما مضى ... من الأمر واستجاب ما كان في الغد٧

أي: ما يكون. وأما قوله تعالى ذكره: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: ١٠٢] ٨؛ فاللام في "لقد علموا" لام قسم محذوف


١ أقيلها: أتجاوز عنها.
ويقول كثير: أن عبد العزيز لو عاد إلى ما ارتكبه مرة أخرى فلن أقبل عثرته ولن أتجاوز عنها.
٢ وأولئك الذين لا يخرجون معهم هم المنافقون، وقيل هم عبد الله بن أبي، ووديعة، ومالك ابنا نوفل، وسويد وداعس. مختصر تفسير الطبري "ص٤٨٣".
٣ انظر/ الكتاب "١/ ٤٥٦".
٤ عثرنا على البيت في ديوانه.
٥ يقول الحطيئة أنه سيشهد حين يلقى ربه أن الوليد أحق بالعذر.
والبيت خبري غرضه الاسترحام.
٦ روى أبو علي ذلك عن الطرماح وهو الطرماح بن حكيم. انظر/ الخصائص "٣/ ٣٣١".
٧ "إنى...." أسلوب إنشائي في صورة توكيد الذي يدل على قوة الإقناع بالحجة المصحوبة بالدليل. والبيت للطرماح بن حكيم.
٨ خلاق: حظ ونصيب من الخير، والأسلوب إنشائي في صورة توكيد. القاموس "٣/ ٢٢٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>