وجهله الذي أوجب رضاه عن نفسه صار غاية الضرر لأنه فاته العلم الذي يريه عيبه حتى لا يرضى عن نفسه الأمارة بالسوء.
وقال ابن القيم رحمه الله لما ذكر النفس الأمارة بالسوء قال منها أن يعرف أنها جاهلة ظالمة وأن الجهل والظلم يصدر عنهما كل قول وعمل قبيح.
ومن وصفه الجهل والظلم لا مطمع في استقامته واعتداله البتة فيوجب له ذلك بذل الجهد في العلم النافع الذي يخرجها به عن وصف الجهل والعمل الصالح الذي يخرجها به عن وصف الظلم ومع هذا فجهلها أكثر من علمها وظلمها أعظم من عدلها.
فحقيق بمن هذا شأنه أن يرغب إلى خالقها وفاطرها أن يقيه شرها وأن يؤتيها تقواها ويزكيها فهو خير من زكاها وأن لا يكله إليها طرفة عين فإنه إن وكله إليها هلك فما هلك من هلك إلا حيث وكل إلى نفسه.
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لحصين بن المنذر:«قل اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي» . وفي خطبة الحاجة:«ونعوذ بالله من شرور أنفسنا» . وقد قال تعالى:{وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الحشر: ٩] . وقال:{إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}[يوسف: ٥٣] .
فمن عرف حقيقة نفسه وما طبعت عليه علم أنها منبع كل شر ومأوى كل سوء وأن كل خير فيها ففضل من الله من به عليها لم يكن منها كما قال تعالى:{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً}[النور: ٢١] .