للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١١١- "موعظة"]

عباد الله ما أحسن أن يعيش المرء قانعًا بما رزقه الله في هذه الحياة فلا يمد بصره إلى ما في أيدي الناس ولا تتطلع نفسه إلى سلب حقوق الناس أو ظلمهم والاعتداء على ما وهب الله لهم من نعم جسام فإن القانع يشعر ويحس بسكينة وطمأنينة كما يشعر بأنه غني عن كل الخلق قال الشاعر:

إِذَا كُنْتَ في الدُّنْيَا قَنُوعًا ... فَأَنْتَ وَمَالِكُ الدُّنْيَا سَوَاءُ

وذلك أن له نفسًا راضية بما قسم الله آمنة مطمئنة لم يتسرب إليها الجشع والطمع اللذان هما من أقبح القبائح وأسوأ الشمائل ولا يزال صاحب هذين أو أحدهما إلا وهو مذموم وبأقبح الصفات موسوم لا تعرض له القناعة ولو كانت الدنيا بأسرها له. قد ملأ حبها قلبه وغمر محبتها والتفاني في طلبها قلبه وصار لا يرضى منها باليسير ولا يقنع بالكثير وقلما تجد متصفًا بهذا الوصف إلا وهو متشتت الفكر قليل الراحة عنده من الحسد والهلع وضعف التوكل على الله الشيء الكثير الذي يخشى عليه مع استدامته معه من سوء الخاتمة.

أما القانع ذو النفس الأبية الراضية المطمئنة المتوكلة على الله فيرجى لها أن تنالها الآية الكريمة: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً} [الفجر: ٢٨] .

قال - صلى الله عليه وسلم -: «من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه معه قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها» .

وقال ابن مسعود –رضي الله عنه- ما من يوم إلا ينادي فيه ملك من

<<  <  ج: ص:  >  >>