للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الوكالة]

قال: "كل عقد جاز أن يعقده الإنسان بنفسه جاز أن يوكل به غيره" لأن الإنسان قد يعجز عن المباشرة بنفسه على اعتبار بعض الأحوال فيحتاج إلى أن يوكل غيره فيكون بسبيل منه دفعا للحاجة. وقد صح أن النبي وكل بالشراء حكيم بن حزام وبالتزويج عمر بن أم سلمة .

قال: "وتجوز الوكالة بالخصومة في سائر الحقوق" لما قدمنا من الحاجة إذ ليس كل أحد يهتدي إلى وجوه الخصومات. وقد صح أن عليا وكل عقيلا، وبعدما أسن وكل عبد الله بن جعفر "وكذا بإيفائها واستيفائها إلا في الحدود والقصاص فإن الوكالة لا تصح باستيفائها مع غيبة الموكل عن المجلس" لأنها تندرئ بالشبهات وشبهة العفو ثابتة حال غيبة الموكل، بل هو الظاهر للندب الشرعي، بخلاف غيبة الشاهد لأن الظاهر عدم الرجوع، وبخلاف حالة الحضرة لانتفاء هذه الشبهة، وليس كل أحد يحسن الاستيفاء. فلو منع عنه ينسد باب الاستيفاء أصلا، وهذا الذي ذكرناه قول أبي حنيفة .

"وقال أبو يوسف : لا تجوز الوكالة بإثبات الحدود والقصاص بإقامة الشهود أيضا" ومحمد مع أبي حنيفة، وقيل مع أبي يوسف ، وقيل هذا الاختلاف في غيبته دون حضرته لأن كلام الوكيل ينتقل إلى الموكل عند حضوره فصار كأنه متكلم بنفسه. له أن التوكيل إنابة وشبهة النيابة يتحرز عنها في هذا الباب "كما في الشهادة على الشهادة وكما في الاستيفاء" ولأبي حنيفة أن الخصومة شرط محض لأن الوجوب مضاف إلى الجناية والظهور إلى الشهادة فيجري فيه التوكيل كما في سائر الحقوق، وعلى هذا الخلاف التوكيل بالجواب من جانب من عليه الحد والقصاص. وكلام أبي حنيفة فيه أظهر لأن الشبهة لا تمنع الدفع، غير أن إقرار الوكيل غير مقبول عليه لما فيه من شبهة عدم الأمر به.

"وقال أبو حنيفة : لا يجوز التوكيل بالخصومة إلا من غير رضا الخصم إلا أن

<<  <  ج: ص:  >  >>