شربها وهو فعل فاعل مختار، وليس الشرب من ضرورات الحمل ولا يقصد به، والحديث محمول على الحمل المقرون بقصد المعصية.
قال:"ولا بأس ببيع بناء بيوت مكة، ويكره بيع أرضها" وهذا عند أبي حنيفة. وقالا: لا بأس ببيع أرضها أيضا. وهذا رواية عن أبي حنيفة؛ لأنها مملوكة لهم لظهور الاختصاص الشرعي بها فصار كالبناء. ولأبي حنيفة قوله ﵊:"ألا إن مكة حرام لا تباع رباعها ولا تورث" ولأنها حرة محترمة لأنها فناء الكعبة. وقد ظهر آية أثر التعظيم فيها حتى لا ينفر صيدها ولا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها، فكذا في حق البيع، بخلاف البناء؛ لأنه خالص ملك الباني. ويكره إجارتها أيضا لقوله ﵊:"من آجر أرض مكة فكأنما أكل الربا" ولأن أراضي مكة تسمى السوائب على عهد رسول الله ﵊ من احتاج إليها سكنها ومن استغنى عنها أسكن غيره "ومن وضع درهما عند بقال يأخذ منه ما شاء يكره له ذلك"؛ لأنه ملكه قرضا جر به نفعا، وهو أن يأخذ منه ما شاء حالا فحالا. "ونهى رسول الله ﵊ عن قرض جر نفعا"، وينبغي أن يستودعه ثم يأخذ منه ما شاء جزءا فجزءا؛ لأنه وديعة وليس بقرض، حتى لو هلك لا شيء على الآخذ، والله أعلم.