للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرْسْلَكَ بالحَقِّ إنِّي أسْمَعُ، قال: فما منَعَكَ أنْ تَقُوم؟ قال: القُرّ، قد عَلِمَ الله الّذي بي من البَلَاء، فلمَّا سَمِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذِكْر القُرّ، ضَحِكَ حتّى اسْتَغْربَ ضَحِكًا وقال: قُمْ حَفِظَكَ اللهُ من فَوْقكَ ومن تَحْتِكَ، وعن يَمِينك وعن شمالكَ حَتَّى تَرْجعَ إليَّ، فقام حُذَيْفَةُ مَسْرُورًا بدُعَاء رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأتَى القَوْمَ لا يَحُسّ شيئًا ممَّا كان يَجِدُ، حتَّى خَالَط عَسْكَرهم وجَالَسَهُم، ثمّ أقْبَل فأخْبَرَ رسُول الله صلَّى اللهُ علمِه وسلَّم الخَبَرَ.

قال: وأخْبَرَني الوَلِيد بن مُسْلِم، قال: أخْبَرَنِي عَبْدُ الله بن زَيْد بن أسْلَم، عن أَبِيهِ زَيْد بن أسْلَم، أنَّهُ أخْبَرَهُ، قال (١): قال رجُلٌ لحُذَيْفَة: أشْكُو إلى الله صُحْبَتَكُمُ رسُول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإنَّكُمُ أدْرَكْتُمُوه ولَم نُدْركْهُ، ورَأيْتُموه ولم نَرَهُ، قال حُذَيْفَة: ونحنُ نَشْكُو إلى اللهِ إيْمانَكُمُ به ولم تَرَوه، واللهِ ما تَدْري لو أدْرَكْتَهُ كيفَ كنتَ تكُون؟ لقد رأيتُنا مع رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَيْلَة الخَنْدَق لَيْلَة بارِدَةً مَطِيْرَةً، إذ قال رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هل من رجُل يَذْهب فيَعْلَم لنا عِلْم القَوْم أدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ؟ قال: فواللهِ ما قامَ منَّا أحَدٌ، قال: هل من رَجُل يَذْهب فيَعْلَم لنا عِلْم القَوْم جَعَلَهُ اللهُ رَفِيق إبْراهيم يَوْم القِيامَة؟ فما قامَ منَّا أحَدٌ، ثُمَّ قال: هل من رجُل يَذْهب فيَعْلَم لنا عِلْم القَوْم جَعَلَهُ اللهُ رَفِيقي في الجَنَّة؟ فما قام منَّا أحدٌ. فقال أبو بَكْر: يا رسُول اللهِ، إبْعَثْ حُذَيْفَة، قال: حُذَيْفَة، فقُلتُ: دونك فواللهِ ما قال رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا حُذَيْفَة حتَّى قُلتُ: يا رسُول الله بأبي وأُمِّي أنْتَ، والله ما بي أنْ أُقْتَل، ولكنِّي أخْشَى أنْ أُؤْسَر، فقال رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّك لن تُؤْسَرَ، فقُلتُ: يا رسُول اللهِ، مُرْنِي بما شِئْتَ، فقال: اذهَبْ حتَّى تَدْخُل في القَوْم فتأتي قُرَيْشًا فتقُول: يا


(١) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٣: ٤٥٤، فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٧: ٤٠٠، المتقي الهندي: كنز العمال ١٠: ٤٤٥ - ٤٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>