للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْشَرَ قُرَيْش، إنَّما يريدُ النَّاسُ أنْ يقُولُوا غَدًا: أينَ قُرَيش، أين قَادَةُ النَّاسِ، أين رؤُوس النَّاسِ؟ تقَدَّمُوا، فتقدمُوا فتَصْلَوا بالقِتَال، فيكون القَتْل بكُم، ثمّ ائْتِ كِنَانَة فقُلْ: يا مَعْشَرَ كِنَانَة، إنَّما يُريدُ النَّاسُ غَدًا أنْ يقُولوا: أينَ كِنَانَة، أين رُمَاة الحَدَق، تقدَّمُوا، فتقدمُوا فتَصْلَوا بالقِتَال، فيكون القَتْل بكم، ثمّ ائْتِ قَيْسًا فقُل: يا مَعْشَرَ قَيْسٍ، إنَّما يُريدُ النَّاسُ غَدًا أنْ يقُولُوا: أين قَيْس، أين أحْلَاس الخَيْل، أين فُرْسَان النَّاس؟ تقدَّمُوا، فتقدمُوا فتَصْلَوا بالقِتَال، ويكون القَتْل بكم، ثمّ قال لي: ولا تُحْدِثْ في سِلَاحكَ شيئًا.

قال حُذَيْفَةُ: فذَهَبْتُ فكُنْتُ بين ظَهْرَاني القَوْم أصطَلي معهم على نِيْرانهم، وأذْكُر لهم القَول الّذي قال لي رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أين قُرَيْش، أين كِنَانَةُ، أين قَيْسٌ؟ حتَّى إذا كان وَجْهُ السَّحر قامَ أبو سُفْيان يدعُو باللَّات والعُزَّى ويُشْرِكُ، ثمّ قال: نَظَر رَجُل مَنْ جَليسه، قال: ومعي رَجُل يَصْطَلي، قال: فوَثَبْتُ عليه مَخَافَة أنْ يأخُذَني فقُلتُ: مَنْ أنتَ؟ قال: أنا فُلَانٌ، قُلتُ: أوْلَى، فلّمَّا رَأى أبو سُفْيانَ الصُّبْح، قال أبو سُفْيان: نادُوا: أين قُرَيْشٌ، أين رُؤُوس النَّاس، أين قادَة النَّاس؟ تقَدَّمُوا، قالوا: هذه المَقَالَة الّتي أتينا بها البَارِحَة، ثمّ قال: أين كِنَانَةُ، أين رُمَاة الحَدَق؟ تقدَّمُوا، فقالُوا: هذه المَقَالَة الّتي أتينا بها البَارِحَة، ثمّ قال: أين قَيْسٌ، أينَ فُرْسَان النَّاسِ، أين أحْلَاسُ الخَيْل؟ تقدَّمُوا، فقالُوا: هذه المَقَالَة الّتي أتينا بها البَارِحَة، قال: فخافُوا فتَخَاذَلُوا، وبَعَثَ اللهُ عليهم الرِّيح فما تركَت لهم بناءً إلَّا هَدَمَتْهُ، ولا إناءً إلَّا أكفَتْهُ، وتَنَادَوا بالرَّحِيْل.

قال حُذَيْفَة: حتَّى رَأيْتُ أبا سُفْيان وَثَب على جَمَلٍ له مَعْقُول، فجَعَل يَسْتحثُّهُ للقيام، ولا يَسْتَطِيع القيامَ لعِقَالهِ. قال حُذَيْفةُ: فواللهِ لولا ما قال لي رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ولا تُحْدِث في سِلَاحكَ شَيئًا، لرَمَيْتُه من

<<  <  ج: ص:  >  >>