للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه أبوها قبل أنْ تبادَوا، وكان تزوَّجَها على خبيْصَةٍ (a)، فابْتَنى بها ثمّ غَزَا بها، فأبلغَهُ عِكْرمَةُ المُهاجِرَ، واسْتَأمنَهُ له لنَفْسِه ونَفَر معهُ تسعَةٌ، على أنْ يُؤمِّنهم وأهْلِيهم على أنْ يفتَحُوا لهم الباب، فأجابَهُ إلى ذلك، وقال: انْطَلقْ واسْتَوثق لنَفْسك، ثم هَلُمّ كتابكَ أَخْتِمه.

قال: وحَدَّثَنَا سَيْف (١)، عن أبي إسْحاق الشَّيْبَانِيّ، عن سَعيد بن أبي بُرْدَةَ، عن عَامِرٍ، أنَّهُ دخَل عليه فاسْتأمنَهُ على أهْلِهِ ومالِه، وتِسْعَة ممَّن أحَبَّ، وعلى أنْ يَفْتحَ لهم البابَ فيدخُلُون على قَوْمه، فقال له المُهاجِر: اكتُب ما شِئَتَ، واعْجِل، فكَتَب أمَانَهُ وأمانَهُم، وفيهمِ أخوه وبنو عمّه وأهْلُوهم، ونَسِيَ نَفْسَهُ؛ عَجِلَ ودُهِشَ! ثمّ جاءَ بالكتاب فخَتَمَهُ ورجعَ، فسَرَّب الّذين في الكتاب.

وقال الأجْلَحُ والمُجَالِد: لمَّا لَم يبقَ إلَّا أنْ يكتُب نفسَهُ، وَثَبَ عليه جَحْدَمُ بشَفْرَةٍ، وقال: نَفْسَك أو تَكْتُبَني! فكَتَبهُ وتَرَك نَفْسَهُ.

قال أبو إِسْحاق (b): فلمَّا فتح البابَ، أقْتَحمه المُسْلمون، فلم يَدَعُوا فيه مُقَاتلًا إلَّا قَتَلُوه، وضربُوا أعْنَاقهم صَبْرًا، وأحْصى ألف امْرأةٍ ممَّن في النُّجَيْر (c) والخَنْدَق من بين سَليبٍ ومُتّبع (ي)، ووضَع على السَّبْي والفيوء الأحْرَاسَ، وشاركَهُم كَثِيْر.

وقال كَثِيْرُ بن الصَّلْت (٢): لمَّا فُتح البابُ وفُرغ ممَّن في النُّجَيْر وأُحْصِيَ (e) ما أفاءَ اللَّهُ عليهم، دَعَا الأشْعَثَ بأولئك النَّفَر، ودعا بكتابهِ فعرَضَهُم، فأجاز منْ في الكتاب، فإذا الأشْعَثُ ليس فيه، وإذا هو قد نَسِي نَفْسه، فقال المُهاجِرُ: الحَمْدُ


(a) تاريخ ابن عساكر ٩: ١٣١: خميصة، وقوله: "وكان تزوجها على خبيصة، فابتنى بها ثم غزا بها" لم يرد محمد الطبري.
(b) في الأصل، وب: ابن إسحاق، والتصويب من تاريخ الطبري ٣: ٣٣٨ وهو أبو إسحاق الشيبانيّ الذي روى عنه سيف الخبر.
(c) ضبطه في هذا الموضع وتاليه بفتح النون خلاف المتقدم.
(d) ب: أو متبع.
(e) الأصل: وأحْصَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>