للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد رَجَعَت العَرَبُ إلى ما كانت الآباءُ تَعْبُد، وأبو بَكْر يبْعَث إلينا الجُيُوشَ، ونحنُ أقْصَى العَرَب دَارًا، فرَدَّ عليك مَنْ هو خَيْر منك فقال لك: لا يَدعُك عاملهُ ترجعِ إلى الكُفْر، فقُلت: منْ؟ فقال: زِيَادُ بن لبِيْد، فتضاحَكت، فكيف وجدْت زيادًا، أذْكَرَت به أُمّه؟ فقال الأشْعَث: نعم؛ كُلَّ الإذكَار، ثمّ قال الأشْعَث: أيُّها الرَّجُل، أطلق أسَاري واسْتَبقني لحَرْبكَ وزَوِّجني أُخْتُك أم فَرْوَة بنتَ أبي قُحَافَة، فإنِّي قد تُبْتُ ممَّا صَنَعْتُ، ورجَعْتُ إلى ما خرجتُ منه من مَنْعِي الصَّدَقَة، فزوَّجَهُ أبو بَكْر أُمَّ فَرْوَة بنتَ أبي قُحَافَة، فكان بالمَدِينَة مُقِيْمًا حتَّى كانت وِلَايَةُ عُمَر بن الخَطَّاب، ونَدبَ النَّاس إلى فَتْح العِرَاق، فخرَج الأشْعَثُ بن قَيْسٍ مع سَعْد بن أبي وَقَّاص، فشَهِدَ القَادِسيَّة والمَدَائِن وجَلُولَاء ونَهَاوَنْد، واخْتَطَّ بالكُوفَة حين اخْتَطّ المُسْلمُونَ، وبنى بها دَارًا في بني كِنْدَة، ونَزلها (a) إلى أنْ ماتَ بها، ووَلَدُه بها إلى اليَوْم.

قال شَيْخُنا ابنُ طَبَرْزَد: أخْبَرَنا أبو القَاسمِ إسْمَاعِيْل بن أحْمَد السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّصُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن سَيْف، قال: أخْبَرَنا شُعَيْبُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا سَيْفُ بن عُمَر التِّيْمِيّ، عن سَهْل بن يُوسُف، عن أَبِيهِ، عن كَثِيْر بن الصَّلْت، قال (١): ولمَّا رَأى أهلُ النُّجَيْر الموادّ لا تَنْقَطِع عن المُسْلمِيْن، وأيْقَنُوا أنَّهم غير مُنْصرفين عنهم، خَشَعَت أنْفسُهُم، وخافوا القَتْل، وخَافُوا على أنْفُسهم، ولو صبرُوِا حتَّى يجئَ المُغِيرَة لكانت لهم في الثَّالثَة الصُّلْحِ على الجَلَاء نَجاةً، فعجَّل الأشْعث، فخرج إلى عِكْرِمَة بأمان، وكان لا يأمنُ غيره، وذلك أنّهُ كانت تحتَهُ أسْماءُ بنت النُّعْمان بن الجَوْن، خطبها (b) وهو يَوْمئذٍ بالجَنَد ينتَظر المُهاجِر، فأهْدَاها


(a) ب: ونزل بها.
(b) الأصل، ب: يخطبها، والمثبت من الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>