للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للَّه الّذي خَطَّأك نَوْءَك يا أشْعَثُ، يا عَدُوّ اللَّه! قد كُنْتُ اشْتَهِي أنْ يُخْزِيَكَ اللَّهُ، فشَدَّهُ وثاقًا، وهَمَّ بقَتْلِه، فقالوا له: أخِّرْهُ، وابْلِغْهُ أبا بَكْرٍ، فهو أعْلَمُ بالحُكم في هذا، وإنْ (a) كان رَجُلًا نَسِي اسْمَهُ أنْ يَكْتُبه، وهو وَليّ المخُاطَبة. أفذاك يُبْطِل (b) ذاك؟ فقال المُهاجِرُ: إنَّ أمْرَهُ لبَيِّنٌ، ولكنِّىِ أتَّبعُ المَشُورة وأُوثرُها وأُجِيرُه (c)، وبَعَث به إلى أبي بَكْر مع السَّبْي، وكان معهبم يلعَنُه المُسْلمُونَ، وتلعَنُه سَبَايا قَوْمِه، وسمَّاهُ نساءُ (d) قوْمِه عُرْفَ البَاز (e) - كلامٌ يَمَانيٌّ يُسمُّون به الغَادِر- وقد كان المُغِيرَةُ تخيَّر ليلَةً (f) للَّذىِ أراد اللَّهُ عزَّ وجلَّ، فجاءَ والقَوْمُ في دِمَائهم والسَّبْي على ظَهْر، وسَارَت السَّبَايَا والأسْرَى، فقَدم القَوْم على أبي بَكْرٍ بالفَتْح والسَّبَايَا والأسْرَى. فدَعا بالأشْعَث، وقال: اسْتَزَّلك بنو وَلِيْعَةَ، ولم تكُن لتَسْتَزلّهُم ولا ليرَوْكَ (g) لذلك أهْلًا، وهلكُوا وأهْلَكُوكَ (h) ! إنَّا نَخْشَى (i) أنْ تكُونَ دَعْوَةُ رسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم قد وصَلَ إليكَ منها طَرَفٌ، ما تراني صانعًا بكَ؟ قال: إنِّي لا عِلْم لي برأيك، وأنْتَ أعْلَمُ برأيكَ، قال: فإنِّي أرَى قَتْلَكَ، قال: فإنِّي أنا الّذي رَاوَضْتُ القوْم في عَشَرة، فما يَحلُّ دَمِي، قال: أفوَّضُوا القَوْم (j) إليكَ؟ قال: نعم، قال: ثمّ أتيْتَهُم بما فوَّضُوه إليك فختموه لك؟ قال: نعم، قال: فإنَّما وجَب الصُّلْحُ بعد خَتْم الصَّحِيْفَة على مَنْ في الصَّحِيفَة، وإنَّما كُنت قبل ذلك مُرَاوِضًا. فلمَّا خَشِي أنْ يُوقَع به قال: أوَتَحْتَسِبُ فيَّ خَيْرًا فتُطْلِقَ أسَارِي، وتُقيلني عَثْرتي، وتَقْبلُ إسْلامي، وتَفْعَلُ بي مثلها فَعَلْتَ بأمْثَالي، وتردّ عليَّ زَوْجَتي -وكان قد خَطَبَ أُمّ فَرْوَهَ بنت أبي قُحَافَة إلى أبي قُحَافَة (k) مَقْدَمَهُ على رسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم، فزوَّجَهُ


(a) الطبري: وإنه.
(b) مهملة الأول في الأصل، وفي ب: تُبطل.
(c) الطبري: وأخَّرَه.
(d) ساقطة من ب.
(e) الطبري: عُرف النار.
(f) الطبري: تحيّر ليله.
(g) الطبري: لم تكن لتستزلَّ لهم ولا يرونك.
(h) ب: وهلكوك.
(i) الطبري: أما تخشى.
(j) ساقطة من الطبري.
(k) قوله: "إلى أبي قحافة"، ساقط من ب، ولَم يرد عند الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>