للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغير رضا منَّا ونحنُ جَمَاعَةٌ شُهُودًا … كأنَّا غَائبين عن الأمْرِ

فتلكَ إذا كانت من اللَّه زلفَةٌ … ومن غيره إحْدَى القَوَاصِم للظَّهْرِ

فأجابَهُ زِيَادُ بن لَبِيْد: [من الطويل]

سَيْعَلَمُ أقْوَامٌ أطَاعُوا نبيَّهُمٍ … بأنَّ غَوِيَّ القَوْم ليسَ بذِي قَدْرِ

أذاعَتْ عنِ القَوْم الأصَاغِرِ لعنةً … قُلُوبُ رجَالٍ في الحُلُوقِ منَ الصَّدْرِ

وذُمُّوا لعُقْبَاهُ إذا هيَ ضَرَّمَتْ … هوَادِيَهُ الأُوْلَى على حين لا عُذْرِ

فإنَّ عَصَا الإسْلَام قد رَضِيَتْ به … جماعتُهُ الأُوْلَى برَأيِ أبي بَكْرِ

فإنْ كُنْتُمُ منهم فطَوْعًا لأمْرِهِ … وإلَّا فأنتُم من مُخَافِتَةٍ صُغْرِ

فنحنُ لكم حتى نُقيمَ صعُورَكُم … بأسْيَافنا الأُوْلَى وبالذُّبَّل السُّمْرِ

رُوَيْدَكُم إنَّ السُّيُوف الَّتي بها … ضَرَبْناكُمُ بَدْءًا بأيْماننا تَبْري

أبَعْدَ الّتي بالأمْسِ كُنْتُم غَرِيْتُمُ … لها تَبْتَغُون الغَيِّ من فَرَطِ الصُّغْرِ

وكانَ لهم في غَيّ أسْوَدَ عِبرةٌ … وناهِيَةٌ عن مثْلها آخِرَ الدَّهْرِ

تلَفَّتَ فيكُم بالنِّسَاءِ ابنُ غيّةٍ … وبالقَوْمِ حتَّى نالهُنَّ بلا مَهْرِ

فإنْ تُسْلِمُوا فالسِّلْمُ خيرُ بَقِيَّةٍ … وإِنْ تَكْفُروا تسْتَوبِلُوا غِبَّةَ الكُفْرِ

وتفرَّق النَّاسُ عند ذلك طائفتين: فصارَت طائفةٌ مع حَارِثَة بن سُرَاقَة، قد ارتَدُّوا عن الإسْلَام، وطائفةٌ مع زِيَادِ بن لَبِيْد، فلمَّا رَأى ذلك زِيَادٌ قال لهم: نَقَضْتُم العَهْدَ وكَفَرْتُم، فأحْلَلْتُم بأنفُسِكم واغْتَنَمْتُم أُوْلَاها بعد عُقْباها. فقال حَارِثَةُ: أمَّا عَهْدٌ بيننا وبين صاحبك هذا الأحْدَثِ، فقد نَقَضْناها وإن أَبيْتَ إلَّا الأُخرى أصَبْتَنا على رَجُل فاقْضِ ما أنت قَاضٍ (a)، فتنحَّى زِيَادٌ فيمَن اتَّبَعَهُ (b) من كِنْدَة وغيرهم قريبًا، وكَتَب إلى المُهاجِر أنْ يُمِدّه، وأخْبَره خَبَر القَوْم، فخرَج المُهاجِر إليه،


(a) الأصل: قاضيًا، وفوقها "صـ".
(b) ب: تبعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>