للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَفَفْتُ ولكن المحبَّ إذا خَلَا … بمَنْ حَبَّ جَالَ (a) الظَّنّ كُلّ مجال (b)

فقال له أبي: قد أذْعَنْتَ للصُّوْرَة، وأقْرَرْتَ بالخلْوَة، ثمّ ادَّعَيْتَ العِفَّة، وتَحْتاج على ذلك إلى بَيِّنَة.

قَرَأتُ في كتاب الخَمَّارِيْن (١) لأبي الفَرَج عليّ بن الحُسَين الأصْبَهَانيِّ، قال: أخْبَرَني هاشِم بن مُحَمَّد الخُزَاعيِّ، قال: حَدَّثَني عَمِّي عَبْد الله بن مالك، عن إسْحاق، ح.

قال: وأخْبَرَنا به وَكِيعٌ مُحَمَّد بن خَلَف، عن أبي أَيُّوب المَدِيْنِيِّ، عن مُحَمَّد ابن عَبْدِ الله بن مالك، عن إسْحاق، قال: كُنْتُ مع الرَّشِيْدِ حين خرَجَ إلى الرَّقَّة، فدَخَل يَوْمًا يَشْربُ مع النِّسَاءَ، وانْصَرَفنا، فخرجْتُ ومَضَيْتُ إلى تَلِّ عَزَاز، فنَزَلتُ عند خَمَّارةٍ هناك لها زَوْجٌ قَسٌّ، لها منهُ بنْتٌ واسمها حنَّة لَم أَرَ مثْلها قَطّ جَمَالًا ولا مثْل بِنْتها، وأخْرَجَتْ إليَّ شَرَابًا لَم أرَ مثله حُسْنًا وطِيْبَ رَائِحَة وطَعْم، وأجْلَسَتْني في بَيْتٍ مَرْشُوش فيه ريْحَانٌ غَضٌّ، وأخْرَجَتْ ابْنَتها تَخْدمني كأنَّها خُوْطُ بَانٍ أو جِدل عنَان، لَم أَرَ أحْسَنَ منها قدًّا، ولا أسْهَل خَدًّا، ولا أعْتَقَ وَجْهًا، ولا أبْرَعَ ظَرْفًا، ولا أفْتَر طَرْفًا، ولا أحْسَنَ كَلَامًا، وِلا أتَمَّ تمامًا، فأقْمْتُ عندها ثلاثًا، والرَّشِيْد يَطْلبُني فلا يَقْدر عليَّ، ثمّ انْصَرَفْتُ فذَهبَتْ بي رُسُلُه إليهِ، فدَخَلْتُ عليهِ وهو غَضْبان، فلمَّا رأيتُه خطَرتُ في مَشْيَتي ورقصْتُ، وكانت في رأسي فضْلةٌ قَوِيَّةٌ من السُّكْر، وغَنَّيْتُ في شِعْرٍ قُلْتُهُ في بَيْت الخَمَّارة وصَنَعْتُ فيه، وهو (٢): [من الخفيف]


(a) كتب ابن العديم بخطه في الهامش: "في الأصل: بمن يحب فجال".
(b) الأصل: محال.

<<  <  ج: ص:  >  >>