للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهي نصف النهار عند اشتداد الحر، (فيصلي الظُّهر)؛ لأنَّ ميلان الشمس عن كبد السَّماء دخول وقت الظُّهر والجمعة (في ذلك المسجد)؛ أي: للإتباع.

(وأنَّ عبد الله بن عمر) أي: ابن الخطاب، بفتح الهمزة معطوف على سابقه (حدَّثه) أي: حدَّث نافعًا بالإسناد المذكور، فهو موصول (أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل) أي: عن راحلته (عند سَرحات)؛ بفتح الرَّاء، وبالحاء المهملة، جمع: سَرْحة؛ بسكون الرَّاء؛ وهي الشجرة العظيمة الضخمة كما سبق (عن يسار الطريق) أي: لا عن يمينه (في مَسِيل)؛ بفتح الميم، وكسر المهملة: واد منحدر مجوَّف يجري فيه الماء النازل من الجبال (دون هَرْشَى)؛ بفتح الهاء، وسكون الرَّاء، وفتح الشين المعجمة، مقصور، على وزن (فَعلى) : هو جبل من بلاد تهامة، وهو على ملتقى طريق الشام والمدينة في أرض مستوية هضبة ململمة لا تنبت شيئًا، وهي قرية قريبة من الجحفة يرى منها البحر، ويقرب منها طَفِيل؛ بفتح الطاء المهملة، وكسر الفاء، وهو جبل أسود، على الطريق من ثنية هرشى ثلاثة أودية: غزال، وذو ذروان، وكلية، وكلها لخزاعة، وبأعلى كلية ثلاثة أجبل صغار، يقال لها: سنابك، وغدير خم: واد يصب في البحر، وفي «الموعب» : (هرشى: ثنية قرية من الجحفة)، وقال الزمخشري: (هرشى: هضبة دون المدينة)، وقال علي: (هرشى: نقب في حرة (١) بين الأخيمص وبين السقيا على طريق المدينة، ويليه (٢) جبال يقال لها: طوال هرشى)، وفي «المغيث» : (سميت هرشى لمهارشة كانت بينهم، والتهريش: الإفساد بين الناس)، كذا في «عمدة القاري».

(ذلك المسيل لاصق بكُراع هرشى)؛ بِضَمِّ الكاف؛ أي: طرفها، يقال: كراع الأرض وأكارعها: أطرافها، كما في «القاموس»؛ أي: متصل بأطرافها غير فاصل، وكراعها: ما يمتد منها دون سفحها (بينه) (٣)؛ أي: بين كراع هرشى (وبين الطريق قريبٌ من غَلوة سهم)؛ بفتح الغين المعجمة: وهي الغاية مقدار رمية، كما في «الصِّحاح»، وفي «المغيث» : (لا تكون الغَلوة إلا مع تصعيد السهم)، وقال ابن سيده: غلا بالسهم غَلْوًا وغُلُوًّا، وغالى به غلاء: رفع به يده يريد أقصى الغاية، وهو من التجاوز، فرجل غلاء: بعيد الغلو بالسهم، وغَلَا السهم نفسه: ارتفع في ذهابه وجاوز المدى؛ وكذلك الحجر، وكل مرماة: غلوة، والجمع: غلوات وغلًا، وقد تستعمل الغَلوة في سباق الخيل، وقال الفقهاء: الغَلوة: أربع مئة ذراع، كذا في «عمدة القاري».

قلت: الذي في «المغرب»، وكذا في «الذخيرة» و «المستصفى» : أنَّه ثلاث مئة ذراع إلى أربع مئة ذراع، لكن لما كانت الأربع مئة هي الغاية؛ عبَّر بها، والسهم: واحد النبل.

وقد نظم ابن الحاجب مقدار البريد، والفرسخ، والميل، والباع، والذراع فقال:

إنَّ البريد من الفراسخ أربع... ولفرسخ فثلاث أميال ضعوا

والميل ألف أي من الباعات قُلْ... والباع أربع أذرع فتتبع

ثم الذراع من الأصابع أربع... من بعدها العشرون ثم الأصبع

ست شعيرات فظهر شعيرة... منها إلى بطن لأخرى (٤) توضع

ثم الشعيرة ست شعرات فقل... من شعر بغل ليس فيه موضع

وتمامه في شرحنا «منهل الطلاب»، والله أعلم بالصَّواب.

(وكان عبد الله بن عمر) أي: ابن الخطاب رضي الله عنهما (يصلي إلى سَرْحة)؛ بفتح السين المهملة، وسكون الرَّاء، وفتح الحاء المهملة؛ أي: شجرة ضخمة عظيمة (هي أقرب السَّرحات) أي: الشجرات (إلى الطريق) أي: الشَّارع، (وهي) أي: تلك السرحة (أطولهن)؛ أي: أطول تلك السَّرحات الموجودات هناك.

(وأنَّ عبد الله بن عمر) بفتح الهمزة معطوف على سابقه (حدَّثه) أي: حدَّث نافعًا بالإسناد المذكور، فهو موصول (أنَّ النَّبي) الأعظم (صلى الله عليه وسلم كان) أتى بها لإفادة الدوام والاستمرار (ينزل) أي: عن راحلته إذا كان في سفر أو في حضر (في المَسيل)؛ بفتح الميم: المكان المنحدر (الذي في أدنى مَرِّ الظَّهران)؛ أي: في الأقرب منه، و (مَرَّ)؛ بفتح الميم، وتشديد الرَّاء: قرية ذات نخل وثمار، وقال البكري: بفتح أوله وتشديد ثانيه، مضاف إلى (الظَّهران)؛ بظاء معجمة، وبين مَرٍّ والبيت ستة عشر ميلًا، قال إمام الشَّارحين: (هو الوادي الذي تسميه العامة بطن مَرْو؛ بسكون الرَّاء، بعدها واو)، وقال كثير: (سميت مرًّا لمرارة مائها)، وقال أبو غسان: (سميت بذلك؛ لأنَّ في بطن الوادي بين (٥) [مر] ونخلة كتابةٌ بعِرْقٍ (٦) من الأرض أبيضَ هجاء: «مر» إلا أنَّ الميم غير موصولة بالرَّاء، وببطن مَرٍّ تخزعت خزاعة عن أخواتها، فبقيت بمكة، وسارت أخواتها إلى الشام أيام سيل العرم)، وقال الزمخشري: (مر الظَّهران بتهامة قريب من عرفة)، وعن صاحب «العين» : (الظَّهران: من قولك: من ظهرهم)، وقال الفراء: (لم أسمع إلا تثنية الظَّهران، ولم يُجمَع ولم يُوحَّد)، كذا في «عمدة القاري»، (قِبَل)؛ بكسر القاف، وفتح الموحَّدة؛ أي: مقابل (المدينة حين يهبط)، وفي رواية: (حتى (٧) يهبط) أي: ينحدر (من الصَّفْراوات)؛ بفتح الصَّاد المهملة، وسكون الفاء، جمع صفراء؛ ممدود؛ وهي الأودية والجبال التي بعد مر الظَّهران، قاله إمام الشَّارحين، وزعم الكرماني: (وفي بعض النُّسخ: من وادي الصفراوات)؛ بزيادة (وادي)، (ينزل)؛ بالمثناة التحتية كما في (الفرع) وغيره، قاله القسطلاني، وقال إمام الشَّارحين: (تنزل)؛ بلفظ الخطاب؛ ليوافق قوله: (وأنت ذاهب إلى مكة)، وتبعه الكرماني وغيره، وكأنَّها رواية غير (الفرع)؛ فافهم، (ليس بين مَنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم)؛ بفتح الميم؛ أي: مكان نزوله عن راحلته أو للاستراحة (وبين الطريق إلا رمية حَجر)؛ بفتح الحاء المهملة بعدها جيم، واحد الأحجار؛ أي: مقدار رميته.

(وأنَّ عبد الله بن عمر) بفتح الهمزة معطوف على سابقه (حدَّثه) أي: حدَّث نافعًا بالإسناد المذكور سابقًا (أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل)؛ أي: عن راحلته أو للاستراحة (بذي طُوى)؛ بِضَمِّ الطاء المهملة في رواية الأكثرين، وفي رواية الحموي والمستملي: (بذي الطِّواء)؛ بزيادة الألف واللَّام، وقيده الأصيلي بالكسر، وحكى عياض وغيره الفتح أيضًا، وزعم النَّووي: (ذو طَوَى؛ بالفتح على الأفصح، ويجوز ضمها وكسرها، وبفتح الواو المخففة، وفيه لغتان: الصرف وعدمه، وهي عند باب مكة بأسفلها)، وزعم الجوهري (ذو طُوى)؛ بالضم: موضع بمكة، وأمَّا طِوى؛ فهو اسم موضع بالشام تكسر طاؤه وتضم، كذا قرره إمام الشَّارحين.

قلت: وما رواه الأصيلي بالكسر، قال القسطلاني: (إنَّها رواية أبي ذر عن الكشميهني أيضًا)، وما رواه الحموي وغيره: (بذي الطِّواء)؛ بزيادة (أل) مع كسر الطاء والمد، وفي رواية «الفرع» و «أصله» : (طَوى) بفتح الطاء، وليس فيه ضم الطاء ألبتة، كما قاله القسطلاني، وبهذا ظهر فساد ما زعمه العجلوني من أنَّ الذي في «الفرع»


(١) في الأصل: (حزة)، وهو تصحيف.
(٢) في الأصل: (وأيلية)، ولعل المثبت هو الصواب.
(٣) في الأصل: (بيته)، وهو تصحيف.
(٤) في الأصل: (الأخرى)، والمثبت موافق للوزن.
(٥) في الأصل: (بئر)، وهو تحريف.
(٦) في الأصل: (معرق)، ولعل المثبت هو الصواب.
(٧) في الأصل: (حين)، والمثبت من هامش «اليونينية».

<<  <   >  >>