هُوَ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ؛ فَهَذَا إذَا كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ هُوَ فَهُوَ خَطَأٌ.
فَإِنْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ كَوْنَهُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَلَا غَيْرَهُ فَهُوَ نِسْيَانٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَاهِلِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَا غَيْرِهِ فَهُوَ نِسْيَانٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَاهِلِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُخْطِئِ أَنَّ الْجَاهِلَ قَصَدَ الْفِعْلَ وَلَمْ يَظُنَّهُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، وَالْمُخْطِئَ لَمْ يَقْصِدْهُ كَمَا لَوْ رَمَى طَائِرًا فَأَصَابَ إنْسَانًا.
[الْمُكْرَهُ نَوْعَانِ]
وَالْمُكْرَهُ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَهُ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ لَكِنْ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي: مُلْجَأٌ لَا فِعْلَ لَهُ، بَلْ هُوَ آلَةٌ مَحْضَةٌ.
[الْمُتَأَوِّلُ]
وَالْمُتَأَوِّلُ كَمَنْ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا وَكَاتَبَهُ يَعْتَقِدُ أَنَّ مُكَاتَبَتَهُ لَيْسَتْ تَكْلِيمًا، وَكَمَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ خَمْرًا فَشَرِبَ نَبِيذًا مُخْتَلَفًا فِيهِ مُتَأَوِّلًا، وَكَمَنْ حَلَفَ لَا يُرَابِي فَبَاعَ بِالْعِينَةِ، أَوْ لَا يَطَأُ فَرْجًا حَرَامًا فَوَطِئَ فِي نِكَاحِ تَحْلِيلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَالتَّأْوِيلُ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ: قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ وَمُتَوَسِّطٌ، وَلَا تَنْحَصِرُ أَفْرَادُهُ، وَالْمُعْتَقَدُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِهِ تَقْلِيدًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُفْتِي مُصِيبًا أَوْ مُخْطِئًا كَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ خَرَجْت مِنْ بَيْتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا تَخْرُجِينَ مِنْ بَيْتِي، فَأَفْتَاهُ مُفْتٍ بِأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ لَا يَلْزَمُ بِهَا الطَّلَاقُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ لَغْوٌ كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ كَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيِّ وَبَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَلَّى، فَقَالَ: وَالطَّلَاقُ بِالصِّفَةِ عِنْدَنَا كَالطَّلَاقِ بِالْيَمِينِ كُلُّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ.
[الْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ]
وَالْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ كَمَنْ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي حَالِ سُكْرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ زَوَالِ عَقْلٍ بِشُرْبِ دَوَاءٍ أَوْ بَنْجٍ أَوْ غَضَبٍ شَدِيدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
[ظَنُّ الطَّلَاقِ]
وَاَلَّذِي يَظُنُّ أَنَّ امْرَأَتَهُ طَلُقَتْ فَيَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْحِنْثِ، كَمَا إذَا قَالَ: إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ امْرَأَتَك قَدْ كَلَّمَتْ فُلَانًا، فَاعْتَقَدَ صِدْقَ الْقَائِلِ، وَأَنَّهَا قَدْ بَانَتْ مِنْهُ، فَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِصْمَةَ قَدْ انْقَطَعَتْ، ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّ الْمُخْبِرَ كَاذِبٌ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قِيلَ لَهُ: قَدْ كَلَّمَتْ فُلَانًا، فَقَالَ: طَلُقَتْ مِنِّي ثَلَاثًا، ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّهَا لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute