يَخْشَ الْعَنَتَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى إرْقَاقِ وَلَدِهِ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِنْ الْآيِسَاتِ مِنْ الْحَبَلِ وَالْوِلَادَةِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ، وَلِهَذَا مَنَعَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْأَسِيرَ وَالتَّاجِرَ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي دَارِ الْحَرْبِ خَشْيَةَ تَعْرِيضِ وَلَدِهِ لِلرِّقِّ، وَعَلَّلَهُ بِعِلَّةِ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهُ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ مَنْعُ الْعَدُوِّ مِنْ مُشَارَكَتِهِ فِي زَوْجَتِهِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ: أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُورَدَ مُمْرَضٌ عَلَى مُصِحٍّ: لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ ذَرِيعَةً إمَّا إلَى إعْدَائِهِ وَإِمَّا إلَى تَأَذِّيه بِالتَّوَهُّمِ وَالْخَوْفِ، وَذَلِكَ سَبَبٌ إلَى إصَابَةِ الْمَكْرُوهِ لَهُ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالسَّبْعُونَ: أَنَّهُ نَهَى أَصْحَابَهُ عَنْ دُخُولِ دِيَارِ ثَمُودَ إلَّا أَنْ يَكُونُوا بَاكِينَ خَشْيَةَ أَنْ يُصِيبَهُمْ مِثْلَ مَا أَصَابَهُمْ، فَجَعَلَ الدُّخُولَ مِنْ غَيْرِ بُكَاءٍ ذَرِيعَةً إلَى إصَابَةِ الْمَكْرُوهِ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالسَّبْعُونَ: أَنَّهُ نَهَى الرَّجُلَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَاللِّبَاسِ؛ فَإِنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى ازْدِرَائِهِ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاحْتِقَارِهِ بِهَا، وَذَلِكَ سَبَبُ الْهَلَاكِ.
الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ: أَنَّهُ نَهَى عَنْ إنْزَاءِ الْحُمُرِ عَلَى الْخَيْلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى قَطْعِ نَسْلِ الْخَيْلِ أَوْ تَقْلِيلِهَا، وَمِنْ هَذَا نَهْيُهُ عَنْ أَكْلِ لُحُومِهَا إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ فِيهِ إنَّمَا كَانَ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى تَقْلِيلِهَا، كَمَا نَهَاهُمْ فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ عَنْ نَحْرِ ظُهُورِهِمْ لَمَّا كَانَ ذَرِيعَةً إلَى لُحُوقِ الضَّرَرِ بِهِمْ بِفَقْدِ الظَّهْرِ.
الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالسَّبْعُونَ: أَنَّهُ نَهَى مَنْ رَأَى رُؤْيَا يَكْرَهُهَا أَنْ يَتَحَدَّثَ بِهَا؛ فَإِنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى انْتِقَالِهَا مِنْ مَرْتَبَةِ الْوُجُودِ اللَّفْظِيِّ إلَى مَرْتَبَةِ الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ كَمَا انْتَقَلَتْ مِنْ الْوُجُودِ الذِّهْنِيِّ إلَى اللَّفْظِيِّ، وَهَكَذَا عَامَّةُ الْأُمُورِ تَكُونُ فِي الذِّهْنِ أَوَّلًا ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى الذِّكْرِ ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى الْحِسِّ، وَهَذَا مِنْ أَلْطَفِ سَدِّ الذَّرَائِعِ وَأَنْفَعِهَا، وَمَنْ تَأَمَّلَ عَامَّةَ الشَّرِّ رَآهُ مُتَنَقِّلًا فِي دَرَجَاتِ الظُّهُورِ طَبَقًا بَعْد طَبَقٍ مِنْ الذِّهْنِ إلَى اللَّفْظِ إلَى الْخَارِجِ.
الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالسَّبْعُونَ: أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا، فَقَالَ: لَا، مَعَ إذْنِهِ فِي خَلِّ الْخَمْرِ الَّذِي حَصَلَ بِغَيْرِ التَّخْلِيلِ، وَمَا ذَاكَ إلَّا سَدًّا لِذَرِيعَةِ إمْسَاكِهَا بِكُلِّ طَرِيقٍ، إذْ لَوْ أَذِنَ فِي تَخْلِيلِهَا لَحَبَسَهَا أَصْحَابُهَا لِذَلِكَ وَكَانَ ذَرِيعَةً إلَى الْمَحْذُورِ.
الْوَجْهُ الثَّمَانُونَ: أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولًا، وَمَا ذَاكَ إلَّا أَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى الْإِصَابَةِ بِمَكْرُوهٍ، وَلَعَلَّ الشَّيْطَانَ يُعِينُهُ وَيَنْزِعُ فِي يَدِهِ فَيَقَعُ الْمَحْذُورُ وَيَقْرُبُ مِنْهُ.
الْوَجْهُ الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ: أَنَّهُ أَمَرَ الْمَارَّ فِي الْمَسْجِدِ بِنِبَالٍ أَنْ يُمْسِكَ عَلَى نَصْلِهَا بِيَدِهِ لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى تَأَذِّي رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِالنِّصَالِ.