للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يختلف أهل العلم في وجوب رد العين المسروقة على مالكها إذا كانت باقية.

فأما إن كانت تالفة: فعلى السارق ردُّ قيمتها، أو مثلها إن كانت مثلية، قطع أو لم يقطع موسرًا كان أو مُعْسرًا.

وهذا قول الشافعي، وأحمد.

وقال أبو حنيفة: لا يجتمع الغرم والقطع، إن غرمها قبل القطع سقط القطع، وإن قطع قبل الغرم سقط الغرم.

وأما مالك: فوافق أبا حنيفة في المعسر، ووافق الشافعي وأحمد في الموسر.

ولكننا نقول: إنَّها عين يجب ضمانها بالردِّ لو كانت باقية، فيجب ضمانها إذا كانت تالفة، كما لو لم يقطع.

ولأن القطع والغرم حقان يجبان لمستحقين، فجاز اجتماعهما، كالجزاء والقيمة في الصيد الحرمي المملوك.

(أَمَّا مَحَلُّ الْقَطْعِ فَهُوَ الْيَدُ الْيَمِينُ بِاتِّفَاقٍ مِنَ الْكُوعِ، وَهُوَ الَّذِي


= وجماعة. وقال قوم: ليس عليه غرم إذا لم يجد المسروق منه متاعه بعينه، وبه قال أبو حنيفة والثوري وابن أبى ليلى وجماعة، وفرق مالك وأصحابه فقال: إن كان موسرًا اتبع السارق بقيمة المسروق، وإن كان معسرًا لم يتبع به إذا أثرى، واشترط مالك دوام اليسر إلى يوم القطع فيما حكى عنه ابن القاسم وحجة من جمع الأمرين أن في السرقة حقان: حق لله، وحق للآدمي، فاقتضى كل حق موجبه، وأيضًا فإنهم لما أجمعوا على أخذه منه إذا وجد بعينه لزم إذا لم يوجد بعينه عنده أن يكون في ضمانه قياسًا على سائر الأموال الواجبة، وعمدة الكوفيين حديث عبد الرحمن بن عوف أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال " لا يغرم السارق إذا أقيم عليه الحد " وهذا الحديث ضعيف؛ لأنه مقطوع، ووصله بعضهم وخرَّجه النسائي. ويقولون: إن القطع هو بدل الغرم وأن اجتماع حقين في حق واحد مخالف للأصول، وأما تفرقة مالك فاستحسان على غير قياس، والقطع محله اليد اليمنى باتفاق من الكوع، وقال قوم: الأصابع فقط، ولا دليل عليه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>