للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا حقيقة كلام جيد، ينبغي أن يأخذ به كلُّ طالب علم، وكل من يريد الحق، فالحق ينبغي أن يَرجع إليه المؤمن، حتى وإن أخذ برأي من الآراء، أو توقف، فإنَّه ينبغي أن يرجع إلى الحق، لذلك عندما كتب عمر -رضي اللَّه عنه- كتابه المشهور في القضاء إلى أبي موسي الأشعري، بيَّنَ له، فقال: "الحق، الحق، اعرف الأشباه والأمثال، وقِس الأمور برأيك، ولا يمنعنك أن تقضي قضاء اليوم فيظهر لك في غَدِه أنَّ الحق فيه أن ترجع إليه" (١). هذا هو شأن المؤمنين؛ قال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور: ٥١]، هذا هو شأن المؤمنين.

(الفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي الأَرْكَانِ)

* قوله: (اتَّفَقَ المُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهَا خُطبة، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الخطبة) (٢).

وهذه مسألة مهمة؛ وهي الخطبتان في الجمعة، وصلاة الجمعة إنَّما


(١) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٥/ ٣٦٨)، عن أبي المليح الهذلي، قال: "كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري: أما بعد، فإن القضاء فريضة مُحكمة وسُنَّة مُتبعة؛ فافهم إذا أُدلي إليك بحجة، وأنفذ الحق إذا وضح، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، وآسِ بين الناس في وجهك ومجلسك وعدلك حتى لا ييأس الضعيف من عدلك، ولا يطمع الشريف في حيفك، لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك وهُديت فيه لرشدك أن تراجع الحق؛ فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل"، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٦١٩).
(٢) انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع"، لابن القطان (١/ ١٦٢، ١٦٣)، وفيه قال: "ولا خلاف في أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- خَطب وصَلَّاها ركعتين. وأجمعوا أن خطبتي الجمعة قبل الصلاة".

<<  <  ج: ص:  >  >>