للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاسِمِ. فَعُمْدَةُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الأَمْرَيْنِ أَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي السَّرِقَةِ حَقَّانِ: حَقٌّ للهِ، وَحَقّ لِلآدَمِيِّ - فَاقْتَضَى كُلٌّ حَقِّ مُوجَبَهُ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ لَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ إِذَا وُجِدَ بِعَيْنِهِ لَزِمَ إِذَا لَمْ يُوجَدْ بِعَيْنِهِ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ فِي ضَمَانِهِ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الأَمْوَالِ الْوَاجِبَةِ. وَعُمْدَةُ الْكُوفِيِّينَ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " لَا يَغْرَمُ السَّارِقُ إِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ " (١). وَهَذَا الْحَدِيثُ مُضَعَّفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: " لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ مَقْطُوعٌ ". قَالَ: وَقَدْ وَصَلَهُ بَعْضُهُمْ، وَخَرَّجَهُ النَّسَائِيُّ (٢). وَالْكُوفِيُّونَ يَقُولُونَ: إِنَّ اجْتِمَاعَ حَقَّيْنِ فِي حَقٍّ وَاحِدٍ مُخَالِفٌ لِلأصُولِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْقَطْعَ هُوَ بَدَلٌ مِنَ الْغُرْمِ. وَمِنْ هُنَا يَرَوْنَ أَنَّهُ إِذَا سَرَقَ شَيْئًا مَا، فَقُطِع فِيهِ، ثُمَّ سَرَقَهُ ثَانِيًا - أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِيهِ. وَأَمَّا تَفْرِقَةُ مَالِكٍ فَاسْتِحْسَانٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَأَمَّا الْقَطْعُ فَالنَّظَرُ فِي مَحَلِّهِ وَفِيمَنْ سَرَقَ وَقَدْ عُدِمَ الْمَحَلُّ) (٣).


(١) أخرجه الدارقطني (٣٣٩٩) والنسائي في " الكبرى " (٧٤٣٥)، والبيهقي في " الكبرى " (١٧٣٧٦)، (١٧٣٧٧)، والبزار في " مسنده " (١٠٥٩)، والطبراني في " الأوسط " (٩٢٧٤) عن المسور عن عبد الرحمن بن عوف مرفوعًا. وأخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " (٢٨٧٢١)، وعبد الرزاق في " مصنفه " (١٨٨٩٧) عن ابن جريج عن عطاء منقطعًا.
(٢) يُنظر: " الاستذكار " لابن عبد البر (٧/ ٥٥٥)؛ حيث قال: " هذا ليس بالقوي عندهم والمسور بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أخو سعد بن إبراهيم وصالح بن إبراهيم لم يسمع من عبد الرحمن بن عوف ولو ثبت هذا الحديث لوجب القول به ولكنه عندهم غير ثابت لأنه منقطع وإن كان قد وصله سعيد بن كثير عن عفير عن المفضل عن يونس عن سعد عن أخيه المسور بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف فإن ثبت فالقول به أولى وإلا فالقياس ما قاله الشافعي ومن تابعه وبالله التوفيق ".
(٣) يُنظر: " تكملة المجموع " (٢٠/ ١٠٢)؛ حيث قال: " واتفقوا على أنه إذا ثبتت أركان الجريمة فقد وجب القطع والغرم إذا لم يجب القطع، واختلفوا هل يجمع الغرم مع القطع، فقال قوم عليه الغرم والقطع، وبه قال الشافعي وأحمد والليث وأبو ثور =

<<  <  ج: ص:  >  >>