للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَطْعِ فِيمَا أَصْلُهُ مُبَاحٌ: الشُّبْهَةُ الَّتِي فِيهِ لِكُلِّ مَالِكٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمَسْرُوقِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلسَّارِقِ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ).

عموم قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨].

وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الثمر المعلق، فذكر الحديث، ثم قال: ومن سرق منه شيئًا بعد أن يؤويه الجرين، فبلغ ثمن المجن، ففيه القطع " (١).

ولأن هذا مال يتمول في العادة، ويرغب فيه، فيقطع سارقه إذا اجتمعت الشروط، كالمجفف.

ولأن ما وجب القطع في معموله، وجب فيه قبل العمل، كالذهب، والفضة، وحديثهم أراد به الثمر المعلق؛ بدليل حديثنا، فإنه مفسر له.

وتشبيهه بغير المحرز لا يصح؛ لأن غير المحرز مضيع، وهذا محفوظ، ولهذا افترق سائر الأموال بالحرز وعدمه.

(وَاخْتَلَفُوا فِيمَا هُوَ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ مِمَّا لَيْسَ بِشُبْهَةٍ، وَهَذَا هُوَ أَيْضًا أَحَدُ الشُّرُوطِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الْمَسْرُوقِ هُوَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: فِي جِنْسِهِ، وَقَدْرِهِ، وَشُرُوطِهِ. وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيمَا بَعْدُ. وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ - أَعْنِي: مِنَ النَّظَرِ فِي جِنْسِ الْمَسْرُوقِ - فِي الْمُصْحَفِ، فَقَالَ مَالِكٌ (٢)، وَالشَّافِعِيُّ (٣): يُقْطَعُ سَارِقُهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٤): لَا يُقْطَعُ.


(١) أخرجه أبو داود (١٧١٠)، وقال الأرناؤوط: إسناده حسن.
(٢) المدونة (٤/ ٥٣٦)؛ حيث قال: " قلت: أرأيت إذا سرق مصحفًا؟ قال: يقطع ".
(٣) يُنظر: " مختصر المزني " (٨/ ٣٧٠)؛ حيث قال: " وإن سرق مصحفًا أو سيفًا أو شيئًا مما يحل ثمنه قطع ".
(٤) يُنظر: " شرح مختصر الطحاوي " للجصاص (٦/ ٢٩٣)؛ حيث قال: " (ولا قطع على من سرق مصحفًا وإن كان مفضضًا)؛ وذلك لأنه لما كان له حق التعلم منه إذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>