للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما عدا هذا من الأموال، ففيه القطع، سواء كان طعامًا، أو ثيابًا، أو حيوانًا، أو أحجارًا، أو قصبًا، أو صيدًا، أو نورة، أو جصًّا، أو زرنيخًا، أو توابل، أو فخارًا، أو زجاجًا، أو غيره. وبهذا قال مالك، والشافعي.

وقال أبو حنيفة: لا قطع على سارق الطعام الرطب الذي يتسارع إليه الفساد، كالفواكه، والطبائخ؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا قطع في ثمر ولا كثر ".

ولأن هذا معرض للهلاك، أشبه ما لم يحرز.

(فَعُمْدَةُ الْجُمْهُورِ عُمُومُ الآيَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ وَعُمُومُ الآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي اشْتِرَاطِ النِّصَابِ. وَعُمْدَةُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَنْعِهِ الْقَطْعَ فِي الطَّعَامِ الرَّطْبِ قَوْلُهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ " (١). وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رُوِيَ هَكَذَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ (٢). وَعُمْدَتُهُ أَيْضًا فِي مَنْعِ


= (ولا بما يتسارع فساده كلبن ولحم) ولو قديدًا وكل مهيأ لأكل كخبز، وفي أيام قحط لا قطع بطعام مطلقًا شمني (وفاكهة رطبة وثمر على شجر وبطيخ) وكل ما لا يبقى حولًا (وزرع لم يحصد) لعدم الإحراز (وأشربة مطربة) ولو الإناء ذهبًا ".
(١) أخرجه أبو داود (٤٣٨٨)، وقال الأرناؤوط: حديث صحيح.
(٢) يُنظر: " شرح المشكاة " للطيبي (٨/ ٢٥٣١)؛ حيث قال: " قوله: " في ثمر " " نه " الثمر الرطب ما دام على رأس النخلة فإذا قطع فهو الرطب، فإذا كنز - بالكاف والنون والزاي - فهو التمر. قوله: " ولا كثر " " فا ": الكثر جمار النخل وهو شحمه الذي يخرج الكافور، وهو وعاء الطلع من جوفه سمي جمارًا وكثراً؛ لأنه أصل الكوافير، والمحل الذي يجتمع ويكثر فيه. " حس ": ذهب أبو حنيفة إلى ظاهر الحديث فلم يوجب القطع في سرقه شيء من الفواكه الرطبة، سواء كانت محرزة أو غير محرزة، وقاس عليه اللحوم والألبان والأشربة والجوز، وأوجب الآخرون القطع في جمعيها إذا كانت محرزة، وهو قول مالك والشافعي، وتأول الشافعي الحديث علي الثمار المعلقة غير المحرزة، وقال: فخيل المدينة لا حوائط لأكثرها، فلا تكون محرزة، والدليل عليه حديث عمرو بن شعيب. وفيه دليل علي أن ما كان منها محرزًا يجب القطع بسرقته ".

<<  <  ج: ص:  >  >>