للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعل منه، لم يؤثر فعل الريح، كما لو رمى صيدًا، فأعانت الريح السهم حتى قتل الصيد، حل، ولو رمى الجمار، فأعانتها الريح حتى وقعت في المرمى، احتسب به، وصار هذا كما لو ترك المتاع في الماء فجرى به فأخرجه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: (فَصْلٌ: وَأَمَّا جِنْسُ الْمَسْرُوقِ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ مُتَمَلَّكٍ غَيْرَ نَاطِقٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَأَخْذُ الْعِوَضِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يجِبُ فِي سَرِقَتِهِ الْقَطْعُ).

فإن سرق ماء، فلا قطع فيه؛ لأنه مما لا يتمول عادة ولا أعلم في هذا خلافًا.

وإن سرق كلأً أو ملحًا: فلا قطع فيه؛ لأنه مما ورد الشرع باشتراك الناس فيه، فأشبه الماء.

وأما التراب: فإن كان مما تقل الرغبات فيه، فلا قطع فيه؛ لأنه لا يتمول، وإن كان مما له قيمة كثيرة، احتمل وجهين؛ أحدهما: لا قطع فيه؛ لأنه من جنس ما لا يتمول، أشبه الماء.

والثاني: فيه القطع؛ لأنه يتمول عادة، ويحمل إلى البلدان للتجارة فيه.

(مَا عَدَا الأَشْيَاءَ الرَّطْبَةَ الْمَأْكُولَةَ، وَالأَشْيَاءَ الَّتِي أَصْلُهَا مُبَاحَةٌ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْقَطْعَ فِي كُلِّ مُتَمَوَّلٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَأَخْذُ الْعِوَضِ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: " لَا قَطْعَ فِي الطَّعَامِ، وَلَا فِيمَا أَصْلُهُ مُبَاحٌ كَالصَّيْدِ وَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ " (١)).


(١) يُنظر: " الدر المختار، وحاشية ابن عابدين " (٤/ ٩١)؛ حيث قال: " (لا) يقطع (بتافه)، أي: حقير (يوجد مباحًا في دارنا كخشب لا يحرز) عادة (وحشيش وقصب وسمك و) لو مليحًا و (طير) ولو بطًّا أو دجاجًا في الأصح غاية (وصيد وزرنيخ ومغرة ونورة)، زاد في المجتبى: وأشنان وفحم وملح وخزف وزجاج لسرعة كسره =

<<  <  ج: ص:  >  >>