للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذنوب، والله تعالى قد فتح باب التوبة ودعا عباده المؤمنين الذين أسرفوا على أنفسهم أن يعودوا إلى الله عزَّ وجلَّ، وأن يتوبوا توبة نصوحًا وأن يتركوا ما وقعوا فيه من الذنوب والخطايا، وأن يعودوا إلى الله سبحانه وتعالى حتى يلقوا الله سبحانه تعالى بصحائف بيضاء نقية.

قوله: (إنَّ الجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَامُ فِي الحَرِّ الشَّدِيدِ وَلَا فِي البَرْدِ … )، أي: إذا كان هناك حر شديد أو برد شديد أو كان هناك مرض، والمرض على قسمين:

القسم الأول: أن يكون المرض خفيفًا، وهو المرض الذي يرجى برؤه.

القسم الثاني: أن يكون المرض شديدًا وهو المرض الذي لا يرجى برؤه ويُخشى على الإنسان فيه من الهلاك.

والعلماء متفقون من حيث الجملة على أنه لا يقام الحد في شدة الحر ولا في شدة البرد ولا على المريض؛ لأن المحدود يتأثر بذلك، فالمجلود إذا ضرب ربما حصلت له جروح في بدنه، فتتفاقم مع شدة الحر، وكذلك أيضًا مع شدة البرد، والمريض يتأذى كذلك بالضرب لأنه مريض مجهد، فإذا أضيف إليه الضرب زاده تعبًا ومشقة. وهو مذهب الجمهور؛ أبو حنيفة (١)، ومالك (٢)،


(١) في منع إقامة الحد في الحر والبرد الشديد. انظر: "النتف في الفتاوى"، للسغدي (٢/ ٦٣٥، ٦٣٦)، وفيه قال: "وأدب الحد في الزنا سبعة أشياء: أحدها: لا يضرب في الحر الشديد. والثاني: لا يضرب في البرد الشديد … ".
وفي منع إقامة الحد على المريض. انظر: مختصر القدوري (ص: ١٩٦)، وفيه قال: "وإذا زنى المريض وحدّه الرجم رجم، وإن كان حدُّه الجلدَ لم يُجلد حتى يبرأ، وإذا زنت الحامل لم تحد حتى تضع حملها فإن كان حدها الجلد فحتى تتعالى من نفسها".
(٢) في منع إقامته في الحر والبرد الشديد. انظر: "التهذيب في اختصار المدونة"، للبراذعي (٤/ ٤١٤)، وفيه قال: "قال مالك -رحمه الله -: وكذلك إذا خيف على=

<<  <  ج: ص:  >  >>