للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورد الجمهور بأنه ليس في الآية الأمر بالقعود؛ فتساويا، ثم احتج الجمهور بأثر علي -رضي الله عنه-، وقد صحَّ عنه أنه قال: "تضرب المرأة قاعدة والرجل قائمًا" (١). ولا شك أن مذهب الجمهور أقوى في هذه المسألة.

ووجه الخلط في كلام المؤلف؛ أنه خلط بين الذكر والأنثى في الحكم، وهذه المسألة ذات فرعين: الفرع الأول: فيما يتعلق بالمرأة، فالمرأة قد اتفق الأئمة الأربعة -بل جماهير العلماء- على أنها تضرب قاعدة لأنه أستر لها، فلو ضربت قائمة فإنه يخشى أن تتكشف، ولذلك تضرب قاعدة حتى لا تتكشف، ويكون أستر لها. هذا هو مذهب العلماء بلا خلاف عند الأئمة (٢).

الفرع الثاني: في الرجل، فالجمهور على أنه يضرب قائمًا خلافًا للإمام مالك، فإنه قال: يضرب قاعدًا، واحتج على ذلك بظاهر الآية كما سبق بيانه ورد الجمهور عليه (٣).

* قوله: (وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ الجَمِيعِ أَنْ يُحْضِرَ الإِمَامُ عِنْدَ إِقَامَةِ الحُدُودِ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] (٤). وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اسْمُ الطَّائِفَةِ، فَقَالَ


(١) انظر: "كفاية النبيه في شرح التنبيه "، لابن الرفعة (١٧/ ٢١٩)، وفيه قال: "ويضرب الرجل قائمًا والمرأة جالسة في شيء يستر عليها؛ لأن أبا بكر ابن المنذر روى عن علي- كرم الله وجهه- أنه قال: يضرب الرجل قائمًا والمرأة جالسة، والمعنى في الرجل: أنه يتمكن من تفريق الضرب على جميع بدنه؛ فكان أولى؛ لقول عمر: "أعط كل عضو حفه "، ولا يجوز قياس المرأة على الرجل؛ لأنها عورة، وقيامها يؤدي إلى كشفها".
(٢) سبق هذا.
(٣) من ذلك أيضًا ما ذكره الزيلعي، إذ قال في علة ضرب الرجل قائمًا: "ولأن مبنى الحدود على التشهير؛ لقوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، والقيام أبلغ فيه ". انظر: "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (٣/ ١٧١).
(٤) انظر في مذهب الأحناف: "درر الحكام شرح غرر الأحكام "، لمنلا خسرو (٢/ ٦٣)، وفيه قال: "وأما الجلد، فقد قال تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي:=

<<  <  ج: ص:  >  >>