للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهب مالك إلى أنه يجرد من ثيابه في ضرب الحدود كلها، وليس القصد أن يكون عريانًا، ولكن يجرد عن كل ما يدفع عنه ألم الضرب، ووافقه أبو حنيفة والشافعي إلا في القذف (١).

وذهب أبو حنيفة (٢)، والشافعي (٣)، وذهب أحمد إلى أنه لا يجرد ولا يمد ولا يوثق، واستثنى أحمد مَن احتال ولبس لباسًا يمنع إيصال الإيلام إليه كَفَرْوٍ مثلًا، فإنه ينزع، أما ملابسه المعتادة فلا تنزع منه (٤).

* قوله: (وَيُضْرَبُ عِنْدَ الجُمْهُورِ قَاعِدًا، وَلَا يُقَامُ قَائِمًا، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إِنَّهُ يُقَامُ، لِظَاهِرِ الآيَةِ).

هذ الحكم تداخل على المؤلف فيما يبدو والله أعلم حيث خلط فقال: (يضرب عند الجمهور قاعدًا) وليس الأمر كما ذكر المؤلف، بل العكس.

وقد فصَّل العلماء القول في ذلك فقالوا: المجلود لا يخلو إما أن يكون ذكرًا أو أنثى، فإن كان أنثى فإنها تضرب قاعدة ولا خلاف بين الأئمة الأربعة في ذلك (٥)، ويستدلون بما جاء عن علي -رضي الله عنه- أنه قال:


(١) لم يوافقه الشافعي كما سبق.
(٢) أنظر: "الاختيار لتعليل المختار"، لابن مودود (٤/ ٨٦)، وفيه قال: " (ويضرب الرجل قائمًا في جميع الحدود) لحديث علي -رضي الله عنه-، ولا يمد ولا يشد لأنه زيادة عقوبة غير مستحقة عليه ".
(٣) انظر: "المهذب في فقه الإمام الشافعي "، للشيرازي (٣/ ٣٧٢)، وفيه قال: "والسوط الذي يضرب به سوط بين سوطين ولا يمد ولا يجرد ولا يشد يده ".
(٤) ذهب الحنابلة إلى ما ذهب إليه الشافعية من أنه لا يجرد في الحد وينزع عنه الفرو والحشو. انظر: "الروض المربع"، للبهوتي (ص: ٦٦٣)، وفيه قال: " (ولا يمد ولا يربط ولا يجرد) المحدود من ثيابه عند جلده، لقول ابن مسعود: ليس في ديننا مد ولا قيد ولا تجريد، (بل يكون عليه قميص أو قميصان)، وإن كان عليه فرو أو جبّة محشوة نزعت ".
(٥) انظر في مذهب الأحناف: "المبسوط"، للسرخسي (٢٤/ ٣٠)، وفيه قال: "وتضرب قاعدة ليكون أستر لها، هكذا قال علي -رضي الله عنه-: يضرب الرجال قيامًا، والنساء قعودًا".=

<<  <  ج: ص:  >  >>