للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شاء، أو لا يجوز له ذلك؛ لأن هذه مُعَلَّق عِتقها بالوفاة؟ فهل يجوز له الوطء، أو لا يجوز؟

هذه مسألة اتفق جماهير العلماء على جوازها، ولم يُخالف في ذلك إلا الإمام الزُّهري، محمد بن شِهاب الزُّهري الإمامُ التابعي، حتى نَقل عن الإمام أحمد أنه قال: "لا أعلم أحدًا كَرِه ذلك غيرَ الزُّهري" (١).

أما جماهير العلماء من الصحابة ومن التابعين، وكذلك -أيضًا- أقوال الأئمة وغيرهم من الفقهاء كلهم قالوا: ذلك جائز، بل ثَبَت ذلك عن عبد الله بن عمر أنه دَبَّر جاريتين، وكان يَطأهما (٢).

إذًا لم يخالف في ذلك إلا الزهري، وهذا خلاف يُعتبر ضعيفًا في هذه المسألة.

* قوله: (فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ وَطْئِهَا (٣). وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ


(١) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٧/ ٤٤٧)، حيث قال: "وكان الزهري يَكره وطء المدبرة، ولا يُجيزه. وقال أحمد بن حنبل: لا أعلم أحدًا كَره ذلك غيرُ الزهري". وانظر: "الإشراف على مذاهب العلماء"، لابن المنذر (٧/ ٦٢).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٩/ ١٤٧) عن نافع، أن ابن عمر "دَبَّر جاريتين له، فكان يَطؤهما، ثم أعتق إحداهما فَزَوَّجها نافعًا".
(٣) مذهب الأحناف، يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي"، للمرغيناني (٢/ ٣٣٣)، حيث قال: "ولا يَحل له وطء المكاتبة بخلاف أم الولد والمدبرة".
ومذهب المالكية، يُنظر: "التلقين"، للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٢٠٧)، حيث قال: "وللسيد انتزاع مال مدبره واستخدامه وإجارته ووطؤها إن كانت أَمَة".
وانظر في مذهب الشافعية: "الحاوي الكبير"، للماوردي (١٨/ ١٢٦)، حيث قال: "يجوز لسيد المدبرة أن يطأها؛ لما رواه الشافعي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر أنه دَبَّر جاريتين له، فكان يطؤهما وهما مُدَبَّرتان، ولأن أحكام الرق على المدبرة جارية، فجرى عليها في حكم الاستمتاع مجرى الرق. ولأنه مالكٌ لمنافعها، والاستمتاع من منافعها كالاستخدام، ولأن سبب العتق في أم الولد أقوى منه في المدبرة، ولم يمنع الإيلاد من الاستمتاع فكان التدبير أولى".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (٢/ ٥٩٥)، حيث قال: " (وله) أي: سيد مدبرة (وطؤها وإن لم يشترطه) حال تدبيرها، سواء كان يطؤها قبل=

<<  <  ج: ص:  >  >>