للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقاسوا بأنه يُشبه أُمَّ الوَلد أو العِتق المُطلق، لكن الآخرين قالوا: دليلنا نَصٌّ في المسألة.

* قوله: (فَكَانَ سَبَبُ الِاخْتِلَافِ هَاهُنَا مُعَارَضَةَ الْقِيَاسِ لِلنَّصِّ).

والنَّصُّ: هو حديث جابر الذي عند الفريق الثاني (الشافعية والحنابلة)، والقياس الذي يُعارضه هو قياس ذلك على أُمِّ الولد، أو على العتق المُنجز (١).

* قوله: (أَوِ الْعُمُومِ لِلْخُصُوصِ).

هو عموم قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}، فإن هذا عام ليس خاصًّا بالمدبر، والله تعالى أمر بالوفاء بالعقود، وهذا بالنسبة للمدبر وَرَدَ فيه نَصٌّ (٢)، فيقولون: هذا مستثنى من العموم.

إذًا الشافعية والحنابلة يقولون: دليلنا نَصٌّ في المسألة، ودليلكم عام، وعندكم قياس، وعندنا قياس هو أقرب من ذلك؛ لأن الوصية هي التي تُشبه التدبير، فهي تُشبهه؛ لأنَّ كل واحد منهم مُعلق تنفيذه بعد الوفاء.


= فأشبه أم الولد لما كانت مستحقة للعتق بموت مولاها على الإطلاق: لم يجز بيعها، كذلك حكم المدبر قياسًا عليها.
ودليل آخر: وهو اتفاق الجميع على وقوع العتق بالموت، فلا يخلو من أن يكون عتقه على معنى العتق المعلق بالشرط، مثل دخول الدار ونحوه، أو عتقًا مستحقًّا قبل الموت، يوجب له حقًّا في رقبته، يمنع من بيعه. فلما وجدنا ذلك نافذًا بعد الموت، ووجدناه لو قال لعبده: إن دخلت الدار فأنت حر، ثم مات، فدخل: لم يعتق -علمنا أن عتق المدبر مُستحق قبل الموت، كعتق أم الولد، فمنع بيعه، وفارق العتق المعلق بشرط الدخول ونحوه".
(١) من أنه لا يجوز بيع المدبر قياسًا على عدم جواز بيع أم الولد، كما سبق. وكذا قياس المدبر على المعتق المنجز من أنه ليس للسيد التصرف فيه بما يمنع حريته من البيع ونحوه.
(٢) وهو حديث جابر من بيع النبي - صلى الله عليه وسلم - لرجل قد دُبِّر، فهذا فيه جواز بيعه. وهذا الحديث مخصص لعموم الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>