للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبُو حَنِيفَةَ (١)، وَالْكُوفِيُّونَ (٢): الْبَيْعُ مَفْسُوخٌ؛ سَوَاءٌ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يُعْتِقْهُ. وَهُوَ أَقْيَسُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ عِبَادَةً (٣). فَعُمْدَةُ مَنْ أَجَازَ بَيْعَهُ مَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ).

المتفق عليه.

* قوله: ("أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَاعَ مُدَبَّرًا" (٤). وَرُبَّمَا شَبَّهُوهُ بِالْوَصِيَّةِ) (٥).

فهذا هو دليلهم القياسي، والشافعيَّة والحنابلة إنَّما استدلوا بنصٍّ صريح بأنَّ رجلًا من الأنصار دَبَّر غلامًا، وفي رواية: "أعتقَ غلامًا له عن دُبُر"، يعني: بعد موته، فاحتاج إليه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "مَن يَشتريه


(١) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص: ٨٣)، حيث قال: "وبيع أم الولد والمدبر والمكاتب فاسد".
(٢) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٧/ ٤٤٧، ٤٤٨)، حيث قال: "وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن صالح وابن أبي ليلى وابن شبرمة وجماعة أهل الكوفة: لا يُباع المدبر في دَيْن، ولا في غير دين، في الحياة ولا بعد الممات، وإن باعه سيده في حياته فالبيع مفسوخ، أعتقه المشتري، أو لم يعتقه".
(٣) يُنظر: "تبيين الحقائق"، للزيلعي (٣/ ٩٨)، حيث قال: "ولنا: رواية ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن المدبر لا يُباع ولا يُوهب ولا يُورث، وهو حر من الثلث"، احتج به الطحاوي وغيره من الأئمة، وروى أبو الوليد الباجي أن عمر - رضي الله عنه - رَدَّ بيع المدبر في ملأ خير القرون، وهم حضور متوافرون، وهو إجماع منهم: أن بيع المدبر لا يجوز، ولأنه وجد فيه سبب العتق، وقد تعلق بمطلق موت المولى فلا يجوز بيعه؛ كأم الولد، وهذا لأنه يعتق بعد الموت بهذا الكلام، لا بكلام آخر، فجعله سببًا للحال أَوْلَى من جعله سببًا بعد الموت، لقيام الأهلية في الحال، وزوالها بهذا الموت".
(٤) أخرجه البخاري (٢٤٠٣)، ومسلم (٩٩٧/ ٥٨)، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -، قال: "أعتق رجل غلامًا له عن دُبر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَن يشتريه مني؟ "، فاشتراه نعيم بن عبد الله، فأخذ ثمنه، فدفعه إليه".
(٥) وجه الشبه: هو جواز الرجوع في الوصية، فكذا السيد له الرجوع في تدبيره. وهو أحد قولي الشافعي، ورواية عن أحمد، كما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>