للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أجابوا عن ذلك، قالوا: أمَّا قياسه على المجنون فإنه لا يقاس على المجنون؛ لأنه ليس مجنونًا، ولكن الأقرب أن يقاس على السفيه، فله أن يُوصي، يعني: يقاس عليه في حالة الوصية، فإنه يُوصي (١).

رَدَّ عليهم الفريق الذين أجازوا قالوا: هناك فرق بين العِتق وبين التَّدبير، فالتدبير منع من العتق حال الحياة؛ لأنه بذلك سيضيع المصلحة على نفسه إذا أعتق في حياته سيخرج من ملكه، وهذا هو العتق المنجز، وهو لن يستفيد، وضيَّع مالًا على نفسه، وضيع خدمة مملوكه له، لكنه عندما يُعلق ذلك بعد موته فهو سيستفيد منه بعد مماته، ولا يتضرر منه في الحياة الدنيا؛ لأن هذا الذي علق عتقه بالموت سيجد ثمرة ذلك بعد وفاته؛ لأن هذا سيكتب في سِجل حسناته، لكن العتق في الحياة هو ضَيَاع لماله، ولذلك مُنع منه (٢).

* قوله: (فَهَذ هِيَ أَرْكَانُ هَذَا الْبَابِ).

أي: المسائل التي ذكرها المؤلف واختلف العلماء فيها، إنَّما هي أصول هذا الباب.

* قوله: (وَأَمَّا أَحْكَامُهُ فَأُصُولُهَا رَاجِعَةٌ إِلَى أَجْنَاسٍ خَمْسَةٍ؛ أَحَدُهَا: مِن مَاذَا يَخْرُجُ الْمُدَبَّرُ، هَلْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوِ الثّلثِ؟).


= فإيجاب حق الحرية بالقول كذلك ". وانظر: " شرح مختصر خليل "، للخرشي (٨/ ١٣٣)، " بحر المذهب "، للروياني (٨/ ٢٦٤).
(١) سبق ذكر هذا.
(٢) يُنظر: " الحاوي الكبير "، للماوردي (٨/ ١٣٧، ١٣٨)، وقد ذكر شيئًا من أدلة القائلين بالجواز وردهم على الفريق الآخر، فقال: " ولأن مَن صَحَّ تمييزه لم يمنع الحجر عليه من تدبيره، ووصيته كالسفيه، ولأن تدبيره أحفظ لماله في حياته، وأبلغ في صلاحه بعد موته. فأما ارتفاع القلم عنه فهو مرفوع حتمًا عليه؛ لسقوط التكليف عنه، وهو غير مرفوع فيما له؛ لأنه تصح صلاته وصيامه فهو مثاب فيما له، وغير معاقب فيما عليه، وإمضاء تدبيره ووصيته من حقوقه التي يثاب عليها، فَصَحَّ وإن لم يصح منه تعجيل العتق؛ لما ذكرنا من الفرق ".

<<  <  ج: ص:  >  >>