للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضًا أُثِر عن عمر - رضي الله عنه - بأن غلامًا أوصى لابنة عمه، وكان صغيرًا في سن العاشرة، فأيضًا بلغ ذلك عمر - رضي الله عنه - فأقر الوصية وأجازها (١).

قالوا: وقياس - أيضًا - على وصية السفيه، فالسفيه وكذلك - أيضًا - الصغير تجوز أيضًا وصيته، وكذلك أيضًا يجوز هنا تدبيره (٢).

وتحديد ذلك بعشر سنين استدلال بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " مُرُوا أبناءكلم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لِعَشر، وفَرِّقوا بينهم في المَضاجع " (٣)، قالوا: فإنه اعتبر سِنَّ العَشر، وأناط التأديب به الذي هو الضَّرب، إذًا هو مُهَيَّأ لذلك، قالوا: وأمَّا الجارية فإنها إذا بلغت تسعًا، واستدلوا بالأثر المَروي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: " إذا بلغت الجاريةُ تِسع سنين فقد بلغت " (٤).

وأما الذين منعوا ذلك فقالوا: إنَّ هذا السفيه - وكذلك الصغير - لا يجوز تدبيره؛ لأنَّ هذا إنما هو إخراج للمال، فهو كالمجنون، قالوا: وقياس على العِتق، فكما أنه لا يجوز له أن يعتق، كذلك لا يجوز له أن يُدَبِّر (٥). فما الجواب عن رأي الآخرين؟


(١) أخرجه مالك في " الموطأ " (٢/ ٧٦٢)، والبيهقي في " معرفة السنن والآثار " (١٤/ ٤٣٦).
(٢) قال ابن قدامة: " وهذه قصة انتشرت فلم تُنكر، ولأنه تصرف تمحض نفعًا للصبي، فصح منه، كالإسلام، والصلاة، وذلك لأن الوصية صدقة يحصل ثوابها له بعد غناه عن ملكه وماله، فلا يلحقه ضرر في عاجل دنياه ولا أُخراه، بخلاف الهبة والعتق المنجز، فإنه يَفوت من ماله ما يحتاج إليه، وإذا ردَّت رجعت إليه، وها هنا لا يرجع إليه بالرد، والطفل لا عقل له، ولا يصح إسلامه ولا عباداته ". انظر: " المغني " (٦/ ٢١٦).
(٣) أخرجه أبو داود (٤٩٥)، وحسنه الألباني في " مشكاة المصابيح " (١/ ١٨١).
(٤) أخرجه الترمذي موقوفًا من حديث عائشة (٢/ ٤٠٩)، قال الذهبي: " في إِسنَاده مَجَاهِيل ". انظر: " تنقيح التحقيق " (٢/ ١٧٨)، وضعفه الألباني. انظر: " إرواء الغليل " (١٨٥).
(٥) يُنظر: "المبسوط"، للسرخسي (٧/ ١٨٤)، حيث قال: " وتدبير الصبي والمجنون باطلٌ أطلقا أو أضافا إلى ما بعد البلوغ والإفاقة؛ لأن حقيقة الإعتاق منهما باطلة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>