للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَبَاحَ بَعْضُهُمُ النِّكَاحَ لَهُ (١)، وَأَمَّا السَّفَرُ؛ فَأَبَاحَهُ لَهُ جُمْهُورُهُمْ، وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَبَاحَهُ سُحْنُونٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَلَمْ يُجِزْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ (٢)).

ومن جوَّز له السفر يرى أنه من الوسائل التي يتوصل بها إلى جمع المال، فلماذا يمنع؟! وكان ابن عمر - رضي الله عنه - يأذن لمكاتبيه بالسفر، وبه قال مالك؛ والضمير العائد إلى المنع عائد إلى سحنون، وأبي حنيفة، وأحمد، والشافعي، في قوله: " ولم يجز للسيد أن يشترطه على المكاتب "، وأجاز الجمهور السفر له.

ويتفرع عن هذا مسألة أخرى: هل للسيد أن يشترط على المكاتب ألَّا يسافر أم لا؟ قال سحنون لا يجوز ذلك، وهو أيضًا قول الإمامين أبي حنيفة وأحمد، ولا يزال رأي الجمهور متحدًا؛ فلا يمنع من السفر؛ سواء ذكر ذلك في العقد أو لم يذكر؛ لأنه ليس من حق السيد أن يضع هذا الشرط؛ لأن فيه تعطيل لمصلحته في جمع المال، فلا يجوز له أن يمنعه من ذلك.

* قوله: (وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي السَّفَرِ الْقَرِيبِ (٣)، وَالْعِلَّةُ فِي مَنْعِ النِّكَاحِ: أَنَّهُ يَخَافُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى عَجْزِهِ).

لماذا يكون ذريعة إلى عجزه؛ لأن ما جمعه من المال سينفقه في هذا النكاح، فيحتاج إذن إلى أن يضاعف الإنفاق، ولذلك قال الجمهور بالمنع.


(١) أي: من غير اشتراط إذنه كما سبق.
(٢) يُنظر: " الاستذكار " لابن عبد البر (٧/ ٤٢٢) حيث قال: " وقال سحنون: " لا يجوز أن يشترط عليه أن لا يسافر إلا بإذنه ". ".
(٣) يُنظر: " الاستذكار " لابن عبد البر (٧/ ٤٢٢) حيث قال: " قال ابن القاسم في " المدونة ": إذا كان الموضع القريب الذي لا يضر سيده في نجومه، فله أن يسافر إليه "، وهذا خلاف ظاهر ما في " الموطأ ". ".

<<  <  ج: ص:  >  >>