للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المال الذي التزمه في العقد إلى سيده؛ ليصبح بعد ذلك حرًّا، فهل عندما يتصرف في أمواله، بأن يهب ويعطي ويتصدق ويعتق - إن كان له عبيد - له تأثير على عقد المكاتبة؟

الجواب: نعم، له تأثير في حق السيد وفي حق نفسه، ففي حق السيد يتأخر عنه السداد، وفي حق نفسه يؤخر عنها الحرية؛ لأنه كلما أنفق الأموال احتاج إلى وقت أطول ليجمع مالًا آخر كي يسدد ما عليه؛ ليصبح بعد ذلك حرًّا.

* قوله: (فَنَقُولُ: إِنَّهُ قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ مِنْ هَذَا الْبَابِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا لَهُ قَدْرٌ، وَلَا يُعْتِقَ وَلَا يَتَصَدَّقَ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ (١)).

فمنعوا هبة المملوك إذا كانت لها قدر، أما إن كانت هدية من الهدايا فأجازها الحنفية؛ لأنها شيء يسير لا أثر له.

وعلة المنع: هي إلحاق الضرر بسيده؛ فالذي يعتقه - مثلًا - هو مال، فإن أعتقه ذهب هذا المال، وترتب على ذلك إلحاق ضررًا بسيده، وهذا المنع مقيد بدون إذن السيد.

* قوله: (فَإِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَأَشْبَاهِهَا، أَعْنِي: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ يَدِهِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ).


(١) يُنظر: " الإجماع " لابن المنذر (ص ١٢٢) حيث قال: " وأجمعوا أن للمكاتب أن يبيع ويشتري، ويأخذ ويعطي، ويتصدق فيما فيه الصلاح لماله، والتوفير عليه على ما يَجوز بين المسلمين من أحكامهم، وأجمعوا أن له أن ينفق بالمعروف مما في يده من المال على نفسه فيما لا غنى له عنه، وأجمعوا على أن نكاح العبد بغير إذن سيده باطل ".
وقال ابن القطان في " الإقناع في مسائل الإجماع " (٢/ ١٣٠): " واتفق الجميع على منع العبد من هبة ماله وصرفه في الكفارات والجنايات إلا الزهري؛ فإنه أجاز للعبد أن يعتق في الكفارة ".

<<  <  ج: ص:  >  >>