للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصف، وترك مالًا غطَّى به الديون التي عليه، وأدَّى النصف الذي بقي عليه من الكتابة وزاد شيء، فأوعز إليه عبد الملك بن مروان بأن يورث ابنته أيضًا مولاه (١).

واختلف العلماء في ذلك فمنهم من قال: بأن المولى لا يرث، وإنما يرد على البنت، على أساس أن المولى لا يرث مع وجود من يرث المولى من النسب، أي: إذا مات المكاتب أو المعتق أيضًا، وقد مَرَّ أن الولاء للسيد، لكن إذا وجد الأولاد من النسب فهم أولى بأخذ الميراث، فإذا لم يوجد حينئذٍ ورثه سيده الأول الذي ورث ولاءه (٢).


(١) أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (٨/ ٣٩٢) عن ابن جريج، قال: سمعت ابن أبي مليكة عبد الله، يذكر أن عبادًا مولى المتوكل مات مكاتبًا قد قضى النصف من كتابته، وترك مالًا كثيرًا وابنة له حرة، كانت أمها حرة، فكتب عبد الملك: " أن يقضى ما بقي من كتابته وما بقي من ماله بين ابنته ومواليه "، وقال لي عمرو: " ما أراه إلا لبنته ".
(٢) مذهب الأحناف الذي يرثه هم عصبته ولا يرث السيد شيئًا.
يُنظر: "بدائع الصنائع "، للكاساني (٤/ ١٦٤)، وفيه قال: " لا يورث من المعتق بعد موته ولا يكون سبيله سبيل الميراث، وإنما يستحقه عصبة المعتق بنفسها وهم الذكور من عصبته لا الإناث ولا الذكور من أصحاب الفرائض والأصل فيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب ولا يورث "، أي: لا يورث من المعتق ".
ومذهب المالكية أن ماله لسيده:
يُنظر: " شرح مختصر خليل "، للخرشي (٨/ ٢٢٢)، حيث قال: " لا يرث الرقيق، ولا يورث ويستوي في ذلك المكاتب والمدبر وأم الولد والمعتق لأجل، ومن بعضه حر كمن كله رق، وما مات عنه فهو لمن يملك بعضه، ولا يستثنى من ذلك إلا ما مَرَّ في باب الكتابة من حكم المكاتب إذا مات عن مال فاضل عن كتابته ومعه في الكتابة من يعتق عليه، فإنه يرثه ".
ومذهب الشافعية ثلاثة أقوال: ينظر: " الحاوي الكبير "، للماوردي (١٨/ ٢٤) حيث قال: " إذا مات هذا الذي تبعضت فيه الحرية والرق هل يورث أم لا؟ قال الشافعي في القديم: " لا يورث، ويكون ماله لسيده؛ لأنه إذا لم يرث بحريته، لم يورث بها ". وقال في الجديد: " يكون موروثًا عنه لورثته دون سَيد رقه؛ لأن السيد لا يملك ذلك عنه في حياته، فلم يملكه بعد موته ".=

<<  <  ج: ص:  >  >>