للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واختلف العلماء أيضًا فيما إذا كاتب شخص ثلاثة من عبيده؛ فمنهم من قال: إن كل واحد منهم مسؤول عن نفسه لتأدية ما عليه.

ومنهم من قال: بأن هناك ارتباطًا بينهم؛ لأن العقد واحد فيُلزمون به جميعًا، فإذا عجز أحدهم قام الآخر مقامه فأدَّى النقص الواقع من الآخر، وإذا عجز اثنان وكان أحدهما قادرًا أدَّى عنهما.

وإذا كانوا حملاء فربما يتضرر أحدهما ويستفيد الآخر؛ فقد يعجزون جميعًا ويكون أحدهم قادرًا على جمع المال وإخراج نفسه من الرق، لكن ارتباطه بالآخرين العاجزين في نفس العقد يتسبب في أن يبقى الجميع أرقاء.

قوله: (حَتَّى لَا يُعْتَقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِلَّا بِعِتْقِ جَمِيعِهِمْ؟ فِيهِ أَيْضًا خِلَافٌ، فَأَمَّا هَلْ يَجُوزُ الْجَمْعُ؟ فَإِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ، وَمَنَعَهُ قَوْمٌ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ).

وقد أجاز الجمهور صورة الجمع وهي أن يكاتب السيد عددًا من عبيده في آن واحد، والمعبَّرُ عنهم بالجمهُورِ هم: أبو حنيفة (١)، ومالك (٢)، وأحمد (٣)،


(١) يُنظر: "الأصل "، للشيباني (١٠/ ٤١٢، ٤١٣)، وفيه قال: "سمعت محمدًا قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في الرجل يكاتب عبيده مكاتبة واحدة ويجعل نجومهم واحدة: " إن ذلك جائز". وكذلك قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف ومحمد، ولا يعتق واحد منهم حتى يؤدي جميع المال ".
(٢) يُنظر: " النوادر والزيادات "، لابن أبي زيد (١٣/ ٧٨)، حيث قال: "ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: " (ولا بأس أن يكاتب الرجل عبيدًا له في كتابة واحدة؛ لأنه إنما يحمل له ملكه بملكه، وكذلك له أن يكاتب كل واحد منهما في كتابة ويتحمل بعضهم ببعض، ولكن لا يتبع واحدًا منهما ولا بعض كتابة ولا يعتقه بغير إذن صاحبه ". وانظر: " الإشراف على نكت مسائل الخلاف " للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٩٩٩).
(٣) يُنظر: "الكافي"، لابن قدامة (٢/ ٣٤٥)، حيث قال: "ويجوز أن يكاتب جماعة من عبيده صفقة واحدة بعوض واحد؛ لأن العوض بجملته معلوم، فصح، كما لو باع عبدين بثمن واحد، ويصير كل واحد منهم مكاتبًا بحصته من العوض، يقسم بينهم على قدر قيمتهم حين العقد؛ لأنه عوض، فيسقط على المعوض بالقيمة، كما لو اشترى شقصًا وسيفًا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>