للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"تَشْبِيهُهَا بِسَائِرِ الْعُقُودِ"؛ لأنه غير مكلف؛ فلا يلتزم بعقد، ولذلك يقوم على اليتيم وصي أو ولي لصغر سنه، أما إذا اختبر وعلم فيه القدرة فحينئذ يعطى الفرصة بتحمل المسؤولية (١).

قوله: (وَعُمْدَةُ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ: أَنَّهُ يُجَوِّزُ بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ مَا لَا يُجَوِّزُ بَيْنَ الْأَجَانِبِ، وَأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذَلِكَ هُوَ الْقُوَّةُ عَلَى السَّعْيِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي غَيْرِ الْبَالِغِ (٢)، وَأَمَّا هَلْ يُجْمَعُ فِي الْكِتَابَةِ الْوَاحِدَةِ أَكثَرُ مَنْ عَبْدٍ وَاحِدٍ؟).

واختلف العلماء فيمن كاتب مجموعة من عبيده بعقد واحد؛ فمنهم من ألزم السيد بفصل كل عبد من عبيد بعقد خاص، ومنهم من جوَّز جمعهم في عقد خاص.

قوله: (فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، ثُمَّ إِذَا قُلْنَا بِالْجَمْعِ فَهَلْ يَكُونُ بَعْضُهُمْ حُمَلَاءَ عَنْ بَعْضٍ بِنَفْسِ الْكِتَابَةِ).

"حملاء"، أي: يحمل بعضهم عن بعض (٣).


(١) يُنظر: " العزيز شرح الوجيز" للرافعي (١٣/ ٤٦٩)، حيث قال: " أما أنه لا يرجع بالقيمة؛ فلأن قبول الصبي والمجنون والتزامهما المال باطلان، والعقد معهما ليس بعقد؛ ولذلك لو اشترى الصبي والمجنون شيئًا، وهلك عنده لا يضمنه بعقد".
(٢) ذكر الجصاص أدلة، يُنظر: " شرح مختصر الطحاوي "، (٨/ ٣٤٩ - ٣٥٠) حيث قال: "فقال: وذلك لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}، وهذا يدل من وجهين على ما ذكرنا؛ أحدهما: قوله: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ}: يتضمن الكبير والصغير ممن يصح منه ابتغاء الكتابة إذا كان يعقلها، فانتظمه لفظ العموم، والثاني: قوله: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}، ويروى عن إبراهيمٍ والحسن في قوله: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}: صدقا ووفاء، وعن مجاهد وعطاء: مالا، وقد توجد هذه الأوصاف في بعض الصغار، فصح دخولهم في حكم اللفظ ".
(٣) الحمالة بالفتح: الدِّيَة والغرامة التي يحملها قومٌ عن قوم، وقد تطرَحُ منها الهاء، وتَحَمَّلَ الحَمالةَ، أي: حملها. الأصمعي: الحمالة الغرم تحمله عن القوم، ونحو ذلك قال الليث. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (١١/ ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>