للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك الإمام أحمد -رحمه الله- (١)؛ لأن المراهق إذا كانت عنده قوة ومقدرة على العمل والتكسب فلا حرج، بل ينبغي أن يكاتب لاستطاعته، ويعلل من أجاز بأن له أن يبيع ويشتري ويتصرف إذا أذن له سيده؛ فما دام يجوز له التصرف بإذن من سيده وهو أهل لذلك، فكذلك يجوز له الكتابة.

قوله: (وَمَنَعَهَا الشَّافِعِيُّ إِلَّا لِلْبَالِغِ).

ومنعِ الإمام الشافعي -رحمه الله - غير المكلَّف لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثلاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الطِّفْلِ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَبْرَأَ، أَوْ يَعْقِلَ" (٢)، فلا يزال المراهق في عداد الصغار فلم يبلغ بعدُ السن التي يصير مكلفًا فيها، ويعلل المانعون بأن الكتابة تحتاج إلى عقد، والعقد لا بد فيه من الالتزام، والالتزام تكليف، وهو خلاف ما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لإخباره بأن التكليفَ مرفوع عن الصبي حتى يبلغ (٣).

قوله: (وَعَنْ مَالِكٍ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا (٤)، فَعُمْدَةُ مَنِ اشْتَرَطَ الْبُلُوغَ: تَشْبِيهُهَا بِسَائِرِ الْعُقُودِ).


(١) يُنظر: "كشاف القناع "، للبهوتي (٤/ ٥٤٠)، حيث قال: " (وإن كاتب السيد عبده المميز صح) العقد؛ لأنه يصح تصرفه وبيعه بإذن وليه، فصحت كتابته كالمكلف؛ لأن تعاطي السيد العقد معه إذن له في قبوله ".
(٢) أخرجه أحمد (١١٨٣)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٣٥١٢).
(٣) يُنظر: "البيان "، للعمراني (٨/ ٤١١)، حيث قال: "لا تصح الكتابة إلا من جائز التصرف في المال، فإن كاتب صبي أو مجنون عبده .. لم تصح الكتابة، دليلنا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق "؛ لأنه غير مكلف، فلم تصح كتابته، كالمجنون ".
(٤) يُنظر: "التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب "، لخليل (٨/ ٤٣٣، ٤٣٤)، حيث قال: "وفي مكاتبة الصغير والأمة اللذين لا مال لهما ولا يسعيان قولان، هذا هو الشرط الثاني، وهو أن يكون قويًّا على الأداء، فلذلك اختلف في الصغير الضعيف عن الأداء إذا لم يكن له مال، وفي الأمة كذلك، والقول بالجواز لابن القاسم، والقول بالمنع لأشهب، وهما منصوصان على أنه هو الذي اقتصر عليه مالك في " المدونة ". ".

<<  <  ج: ص:  >  >>